لذلك. . . . سنحاول جاهدين من خلال الصفحات القليلة القادمة أن نختار نماذج مشرقة من علماء هذه الأمة العظيمة لنسبر أغوارها، ونقدّمها بشكلٍ ممتعٍ لشباب الصحوة الإسلامية، لتكون هذه الصفحات مجرد حافزٍ لأولئك الشباب الذين يريدون إعادة مجد أمّتهم من جديد. أما إذا سألني أحد الفشلة المثبِّطين: لماذا تبكي على الماضي وتذكر تاريخ علماء سابقين أكل الزمان عليهم وشرب، في الوقت الذي نتذيل نحن فيه قاع السلم الحضاري محاطين بالتخلف والأمراض من جميع الاتجاهات؟! وقتها سأقول لهذا المثبّط الفاشل أن التخلف لم ينتشر في أوصال أمتنا إلا بسبب أمثاله من الإنهزاميين المكسورين داخليًا! أما أنا فسأحاول في هذا الكتاب أن أشعل شمعة، وليبقى هو وأمثاله ليلعنوا الظلام ألف مرة!
الغريب أنني لاحظت من خلال دراستي التاريخية لعلماء الإسلام أن جميع العلماء المسلمين يشتركون في ثلاث خصائص اجتماعية ميَّزتهم عن باقي علماء الأرض عبر التاريخ، هذه الخصائص الثلاث هي:
(الخلفية الدينية):
لا تجد عالمًا من علماء المسلمين في مجالات الفلك أو الرياضيات أو الأدب أو حتى الطب، إلا وتجده حافظًا لكتاب اللَّه، وعالمًا بأصول الحديث، وذا حظٍ كبير في علوم الفقه والشرع! ولعل هذا من أهم أسباب تخلف الأمة في الوقت الحالي، فكثيرًا ما تجد طبيبًا أو مهندسًا لا يعرف قراءة آيتين من آي الكتاب الحكيم، فاللَّه سبحانه وتعالى لا يوفق إلا من كان مخلص العمل له وحده، والذي لا يعرفه الكثيرون أن كبير علماء آل عثمان الدينيين الشيخ الشامي (شمس الدين آق) والذي كان هو من غرس في وجدان (محمد الفاتح) روح البطولة وحثه على فتح "القسطنطينية"، كان في نفس الوقت مخترعًا عظيمًا من مخترعي أمة الإسلام، فلقد كان كان هذا الشيخ الجليل هو أول إنسان يكتشف "الميكروب"!
(التنوع المعرفي):
من الأشياء التي كنت أسمعها سابقًا في أيام الدراسة عند سؤالي لأحد الزملاء عن عاصمة إحدى الدول، أنه كان يقول لي: "لا أعرف، فأنا أدرس في القسم العلمي وليس