بعد أن بنوه بالرخام وكتبوا عليه قصة صاحبه باللاتينية، إلى أن اختفى القبر بعد مئات السنين نتيجة لعوامل الطقس والبيئة، حتى جاء العثمانيون الأبطال وفتحوا القسطنطينية، فجاءت تلك الليلة التي رأى بها العالم الدمشقي شمس الدين آق كبير كبير علماء المسلمين مكانَ القبر في منامه، ليبنى المسلمون جامعًا بجانبه اسمه جامع أبي أيوب الأنصاري (موجود إلى الآن في إسطانبول) وليكون ذلك الجامع هو المكان الذي يتولى فيه سلاطين بني عثمان الخلافة عند بداية عهد كل خليفة عثماني مسلم!
والآن. . . . . لنرجع إلى قصة هذا السلطان العثماني البطل: محمَّد الفاتح، أو محمَّد الثاني كما تحب كتب المناهج العربية أن تطلق عليه، وكأن من وضعوا هذه المناهج الدراسية لا يريدون لنا أن نسمع كلمةً بها رائحة النصر أو الفتوحات من قريب أو بعيد، وكأنه كُتب علينا أن نظل أسرى لقصص الهزائم والنكبات والنكسات، وواللَّه إننى ما عدت الآن ألوم أولئك الشباب اليائس المحطم الذين أقابلهم بين العين والآخر لأسمع منهم كلمات الهزيمة الداخلية ولأرى في أعينهم علامات الانكسار النفسي والهوان، فبعد أن تعمقت في تاريخ الأمة، وأدركت عِظم قدر التزييف الذي يتعرض له تاريخنا بأسره، أيقنت أن هؤلاء الشباب ما هم إلا ضحية من ضحايا الغزو التاريخي الرهيب الذي وضع لهم مناهجهم التي تعلموها في مدارسهم، ولا شك أن تلك الهزيمة النفسية التي زرعت في شبابنا زرعًا هي التي تدفعهم لكي يلقوا بأنفسهم إلى بحار الظلمات، ليصبحوا وجبة شهية لأسماك البحار المفترسة، وما هذا العمل الذي أقوم به في هذا الكتاب، إلّا محاولة لزرع روح الأمل في شباب الأمة من جديد، من خلال تسليط الأضواء على المواقف المشرقة أصلًا في تاريخ هذه الأمة.
وبطلنا الآن هو شابٌ أيضًا لم يكن قد تجاوز الثالثة والعشرين من عمره عندما فتح القسطنطينية، إننا نتحدث عن رجل لم يفتح مدينة عادية من مدن العالم، إننا نتحدث عن رجلٍ فتح القسطنطينية! تلك المدينة التي كتب عنها (نابليون بونابرت) في مذكراته من منفاه في جزيرة "سانت هيلينا" "أنها عاصمة العالم بأسره إذا ما كان العالم دولةً واحدة"، بل إن هذه المدينة حظيت باهتمامٍ شخصي من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على عظمته وقدره، ليس من أجل جمال طبيعتها الخلابة وموقعها الاستراتيجي الخطير بين أوروبا وآسيا، بل لأن