عندما بايع كل الصحابة يزيد بن معاوية على الخلافة بعد أبيه، ولم يرفض البيعة إلا الحسين بن علي وعبد اللَّه بن الزبير -رضي اللَّه عنهما-، فوصلت للحسين آلاف الرسائل من الشيعة في العراق يبايعونه فيها سرًا على الخلافة، فانخدع الحسين بالشيعة، ونسي خياناتهم المتكررة لأبيه وأخيه الحسن، فنصحه عبد اللَّه بن عمر وعبد اللَّه بن العباس بعدم تصديق أهل العراق الخونة، وقال له عبد اللَّه بن عباس: "إن أهل العراق أهل غدر! " ولكن الحسين رحمه اللَّه ظن أن الشيعة قد غيروا طبعهم القذر في الخيانة، ومع ذلك أراد أن يتأكد من صدقهم بعد كل تلك الرسائل التي وصلته منهم، فبعث الحسين بابن عمه مسلم بن عقيل إلى العراق ليتأكد من صدقهم ونصرتهم له، فذهب مسلم بن عقيل للكوفة فاجتمع له في صلاة الفجر ثمانية عشر ألفًا من شيعة العراق، فبعث مسلم برسالة مستعجلة إلى الحسين يقول فيها: "أما بعد فإن الرائد لا يكذب أهله! وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا فعجل الإقبال حين يأتيك كتابي فإن الناس كلهم معك ليس لهم في آل معاوية رأى ولا هوى والسلام"، وما إن بعث مسلم برسالته حتى جاء والي العراق ببعض المال إلى أولئك المرتزقة، فأخذ الشيعة ينصرفون من مسلم بن عقيل واحدًا واحدًا، فما أذن المؤذن لصلاة المغرب حتى أصبح ابن عم الحسين وحيدًا بعد أن خانه الثمانية عشر ألفًا الذين اجتمعوا له في فجر ذلك اليوم!!!! ثم وجد مسلم نفسه وحيدًا في جنح الظلام يتردد في طرقات الكوفة لا يدري أين يذهب، يتجول بين البيوت المقفلة طالبًا شربة ماءٍ من الشيعة الذين رفضوا إيواءه، فرأته عجوزٌ شيعية بهذا المنظر المزري، فسألته عن حاله فقال لها: "أنا مسلم بن عقيل كَذَبَني هؤلاء القوم، وغَرُّوني" فأدخلته في بيتها لكي تسقيه بعض الماء بعد أن كاد يموت عطشًا، وسبحان اللَّه، فحتى تلك العجوز الشيعية الشمطاء أبت أن تغير طبع الشيعة القذر في الغدر والخيانة، فخرجت خفيةً من البيت وأحضرت معها رجالًا بسلاسل حديدية لكي يشدوا وثاق ابن عم الحسين بالسلاسل ويسلموه للوالي مقابل دراهم معدودات، وقبل أن يقتل الوالي مسلم بن عقيل سأله إن كان له طلب أخير، فقال مسلم وخنجر الغدر الشيعي مزروعٌ بخاصرته: كل ما أطلبه هو أن ترسْلوا للحسين برسالة تحذروه من أن يأتي للعراق، وقولوا له أن شيعة أبيه ليسوا أكثر من مجرد خونة، وأنهم قد غدروا به! وقتل مسلم بن