البعض قد يظن أن مناقشة هذا اللقب مجرد أمر سطحي، وأنه الأجدى ترك مناقشة الألقاب للتركيز على جوهرَ الموضوع، والحقيقة أن هذا اللقب هو أصلًا جوهرُ الموضوع! فإطلاق لقب خامس الخلفاء الراشدين على عمر بن عبد العزيز رحمه اللَّه ما هو إلَّا مجرد حقٍ يراد به باطل، فلا شك أن هذا الخليفة الذي اختلطت فيه دماء عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- ودماء بني أمية العظماء كان مثالًا رائعًا للحكام المسلمين عبر جميع العصور لاشتهاره بخصلتي العدل والزهد، وقد فضله كثير من الناس على جميع حكام بني أمية، إلا أن الواقع أن أفضل ملوك بني أمية هو صاحب رسول اللَّه وكاتب وحي السماء معاوية بن أبي سفيان -رضي اللَّه عنهما-، وقد ذكرت فيما سبق قول الإِمام المجاهد الشيخ عبد اللَّه بن المبارك حين سُئل أيهما أفضل: معاوية بن أبي سفيان، أم عمر بن عبد العزيز؟ فقال: "واللَّه إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أفضل من عمر بألف مرة، صلى معاوية خلف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: سمع اللَّه لمن حمده، فقال معاوية: ربنا ولك الحمد. فما بعد هذا؟ "، ثم إن الحقيقة التي أراد غزاة التاريخ لنا أن نتجاهلها هي أن عمر بن العزيز ليس إلا خليفة من خلفاء دولة بني أمية العظيمة التي نشرت الإِسلام في ربوع الأرض وأحيت فيها سنة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومما يؤكد على خطورة ما أرمي إليه تلك الأساطير الوهمية التي أشاعها هؤلاء المزيفون من أن عمر بن عبد العزيز قد منع سبَّ علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- على منابر المساجد بعد أن أشاع الخلفاء الأمويون ذلك في ربوع أرض الإِسلام، وهذا واللَّه إفكٍ وظلم لهذه الدولة الشريفة التي لها أيادٍ بيضاء على المسلمين في كل العصور، بل إن هذا طعن في جيل الصحابة والتابعين الذين يُفترض أنهم كانوا يسمعون سبَّ أحد العشرة المبشرين بالجنة في مساجدهم دون أن يحركوا لذلك ساكنًا، لقد آن الأوان لنا أن نحرك عقولنا قليلا وأن نغربل الروايات التاريخية في تاريخ هذه الأمة لكي نفصل عنها الغث من السمين، فالأمة الآن على المحك، والشيعة يستخدمون مثل هذه الروايات المكذوبة لتشييع شباب السنة، بل لقد كنت أنا شخصيًا على وشك التشيع بسبب هذه الروايات التي تطعن بالأمويين، ولا أعرف وقتها إن كان هذا القلم الذي أكتب به هذه الكلمات سيكون مسخرًا لكتابة كتابٍ عن "العظماء المائة في أمة الإسلام" أم سيكون مسخرًا لكتابة كتاب عن "الملعونين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015