فسلمت عليه فقلت هذا عمر بن الخطاب يستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة فجئت فقلت ادخل وبشرك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجنة فدخل فجلس مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في القف عن يساره ودلى رجليه في البئر ثم رجعت فجلست فقلت إن يرد اللَّه بفلان (أخيه) خيرًا يأت به فجاء إنسان يحرك الباب فقلت من هذا فقال عثمان بن عفان فقلت على رسلك فجئت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخبرته فقال ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فجئته فقلت له ادخل وبشرك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجنة على بلوى تصيبك، عندها نظر عثمان في عيني أبي موسى وهو يتأمل هذه الكلمات فقال له: نصبر إن شاء اللَّه! ".
إذًا فقد كان عثمان يعلم علم اليقين أنه سيتعرض لبلوى عظيمة، بل إن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أخبره صراحة بأنه سيستشهد حين قال له: "يا عثمان! إذا ألبسك اللَّه قميصًا (يقصد الخلافة) وأرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه"! بل إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في موضعٍ آخرٍ شيئًا عجيبًا! فبينما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يمشي مع الثلاثي الأعظم -أبي بكر وعمر وعثمان- اهتز جبل أحد بهم، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصديق، وشهيدان" إذًا فقد كانت المسألة مجرد مسألة وقت ينتظر فيها عثمان وعد اللَّه ورسوله بالشهادة!
والحقيقة أن عملية اغتيال عثمان كان مخططًا لها حتى قبل توليه الخلافة، وبالتحديد من أول عملية إرهابية تتعرض لها أمة الإسلام، ولنبقى هذه المرة مع الصحابي الجليل (عبد الرحمن بن أبي بكر) -رضي اللَّه عنهما- ليروي لنا هذه القصة الخطيرة عن ذلك المؤتمر الخطير الذي اجتمعت فيه لأول مرة "القوى الفارسية المجوسية" و"القوى الصليبية الحاقدة" متمثلة في شخص (أبي لؤلؤة المجوسي) وشخص الملك الفارسي (الهرمزان) من الناحية الفارسية، وشخص (جفينة النصراني) من الناحية الصليبية. . . . . فقد كان عبد الرحمن يتمشى في ليلة من ليالي المدينة الهادئة، ليتفاجأ عن طريق الصدفة باجتماع كل من أبي لؤلوة المجوسي وجفينة النصراني والهرمزان في إحدى طرق المدينة الخفية، فلما اقترب ابن الصِّديق منهم ارتبكوا ارتباكًا شديدًا، فسقط منهم خنجر ذو حرفين، وبعدها بقليل قتل ذلك الإرهابي الفارسي أبو لؤلؤة الفاروقَ عمرَ بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، فوجد المسلمون ذلك الخنجر المسموم الذي كان يستعمله ذلك المجرم، لقد كان هو هو ذلك الخنجر ذا الحرفين الذي رآه عبد الرحمن بن أبي بكر!