أنني سأفرد له أكثر عددٍ من الصفحات من بين كل عظماء أمة الإسلام المائة، ذلك لأن هذا الرجل إنما هو رجل استثنائي، فهو ثالث أعظم مخلوقٍ خلقه اللَّه بعد الأنبياء، وهو ثالث العشرة المبشرين بالجنة، وهو الإنسان الوحيد في تاريخ البشرية الذي تزوج من ابنتي نبيٍ مرسل، وهو ثالث الخلفاء الراشدين، وهو الرجل الذي تستحي منه الملائكة، وهو رفيق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجنة، وهو الإنسان الذي جمع القرآن الذي نقرأه إلى يومنا هذا، وهو مجهز جيش العسرة، وهو الذي اشترى بئر رومة وجعلها ملكًا للمسلمين، وهو الرجل الذي تمَّت بسببه بيعة الرضوان. . . أعظم بيعة في تاريخ الأرض، إننا في صدد الحديث عن رجلٍ من نوعية خاصة قلّما ظهرت في التاريخ، إننا في صدد الحديث عن صهر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ذي النورين، صاحب الهجرتين، المصلي إلى القبلتين، إنه التوّاب الأوّاب، العابد الخاشع، المحسن الخاضع، إنه المسلم التقي، المؤمن النقي، الكريم الحيي، السهل السخي، السمح السري، إنه الجواد الكريم، صاحب السخاء العظيم، رجل البر والجود والإحسان، جامع القرآن. . . . . عثمان بن عفان.

ولا أخفي القارئ الكريم سرًا أنني كنت قد عزمت في البداية أن يكون عثمان بن عفان هو أول شخصية افتتح بها هذا الكتاب، لا لأنه يفوق أبا بكر الصديق في الفضل، بل لإنه أكثر شخصية إسلامية تعرضت للتشويه في تاريخ الأمة، بل إنني لا أعتبر نفسي مبالغًا إذا ما زعمت أنّ عثمان بن عفّان هو أكثر شخصيةٍ تعرضت للتشويه والتزييف في تاريخ العنصر البشري على الإطلاق! لذلك رأيت أنّ من واجبي أن أدافع بقلمي عن هذا الرجل الذي لطالما دافع عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، في هذا الوقت الذي تتطاول فيه الأقزام على عمالقة الإنسانية، ويتدافع فيه المنافقون من كل حدبٍ وصوبٍ لتدمير تاريخ عظمائنا، لتدمير هذه الأمة من الداخل، بعدما أن علم الغزاة أن حروبهم التي شنّوها على هذه الأمة لم تستطع أن تنهيَ وجودها، بل بالعكس، فقد قامت هذه الأمة ونفضت عن غبارها بعد كل حرب لتعود من جديد أقوى بألف مرة من سابق عهدها، فاختار هؤلاء الأشرار في القرنين الأخيرين طريقة جديدة لتدمير الإسلام، لا من خلال الغزو العسكري، بل من خلال الغزو التاريخي، فعملوا على ضرب رموزنا، وتشويه صورتهم، والتشكيك في منجزاتهم الحضارية، وللأسف. . . . . . فقد نجحوا في مبتغاهم هذه المرة! فانتصر غزاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015