" مؤسس جماعة المرابطين" (عبد اللَّه بن ياسين)

" إن اللَّه يبعث على رأس كل مائة عام من يصلح لهذه الأمة أمر دينها"

(رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-)

كلما غوَّرت أكثر في هذا الكتاب اكتشفت العجب!

كنت أعلم منذ البداية أن عظماء هذه الأمة لديهم من الخصائص ما يجمعهم ويوحدهم تحت سقف واحد، ولكن ما كنت أجهله فعلًا هو ذلك الشبه العجيب الذي يتكرر تباعًا بين عظماء أمة الإسلام المائة، وكأنهم وُلدوا إخوانًا! أو كأنهم خُلقوا جميعًا من نفس الجينات البشرية! فالقصص تتكرر بشكلٍ عجيب أذهلني شخصيًا، فعندما بدأت كتابة هذا الكتاب وقررت أن أصل بين كل عظيم والعظيم الذي يليه، ساورني بعض الشك في إمكانية ربط أناسٍ من بلدان مختلفة وأعراق مختلفة وأزمانٍ مختلفة، ولكنني أعترف أنه إلى حد الآن -وبعد أن أنجزت ما يقرب من ثلث هذا الكتاب- لم أجد صعوبة تذكر في ربطٍ أي منهم بالآخر! بل إن الشيء الأعجب في الأمر، والذي لا يعرفه القارئ الكريم، أنني لا أمتلك أي خطة عمل في ترتيب العظماء المائة! فكاتب هذا الكتاب مثل قارئه لا يعرف من سيأتي بعد ذلك! فعلى سبيل المثال لا الحصر لم يكن ضمن حساباتي مثلًا أن أكتب عن هذا العظيم الإسلامي في هذا الموضع، وإنما جاءت فكرة الكتابة عنه قبل عدة ساعات وفي نفس هذا اليوم الذي انتهيت فيه من الكتابة عن الإمام محمد بن عبد الوهاب! فالقصة بينهما ليست متشابهة فحسب، بل إنها تكاد تكون متطابقة تمامًا، ولكن مع تغييرٍ في مسرح الأحداث من صحراء نجدٍ في جزيرة العرب إلى صحراء موريتانيا في الغرب الأفريقي، وتغييرٍ في الزمان من القرن الثاني عشر الهجري إلى الخامس الهجري.

هناك في أقصى الجنوب الموريتاني كانت أحوال المسلمين مزريةً للغاية، فبالرغم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015