بعد أركان الصلاة والحج والصوم بل وحتى الشهادتين، وإمّا مقاتلة أولئك المرتدين، أما العامل الاقتصادي فلم يكن أبدًا في الحسبان، بل لقد مات أغلب الصحابة وهم فقراء، وإنما ركز المستشرقون على السبب الاقتصادي بالتحديد لكي يشوِّهوا صورة الإسلام ويصورونه على أنه دينٌ مادي بحت!
وإذا جاء ذكر المرتدين جاء ذكر عدو اللَّه (مسيلمة الكذاب)، فلقد ظهر جنون هذا الرجل مبكرًا حتى قبل وفاة الرسول محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد بعث هذا الأبله الكذاب رسالة إلى رسول اللَّه يقول فيها: "من مسيلمة رسول اللَّه إلى محمد رسول اللَّه، إني قد أُشركت في الأمر معك، فلنا نصف الأرض، ولكم نصف الأرض، أو تجعل لي الأمر من بعدك، ولكني أعلم أن قريشًا قوم لا يعدلون". فرد عليه أفصح إنسانٍ عرفته البشرية برسالةٍ قصيرةٍ يقول فيها:
"مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ، السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ"
فادعى مسيلمة الكذاب النبوة وتبعه نفر من قومه، ولكن الغالبية من أهل اليمامة لم تصدقه، حتى حدث أمر خطير غيَّر من موازين القوى، فلقد ظهرت شخصية خطيرة، هي شخصية المجرم (الرجَّال بن عنفوة)! والحكاية تبدأ عندما ذهب الرجَّال ذات يوم الى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- مبايعًا ومسلمًا، فلما تلقّى منه الاسلام عاد الى قومه، ولم يرجع الى المدينة الا إثر وفاة الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- واختيار الصدّيق خليفة على المسملين، فنقل إلى أبي بكر أخبار أهل اليمامة والتفافهم حول مسيلمة، واقترح على الصديق أن يكون مبعوثه اليهم ليثبّتهم على الإسلام، فأذن له الخليفة، فتوجّه الرّجّال الى أهل اليمامة بتفويضٍ شخصي من الخليفة الإسلامي، فحدّثته نفسه الغادرة أن يحتجز له مكانا في دولة الكذّاب التي ظنّها مقبلة، وانتظر أهل اليمامة ما ستسفر عنه المفاوضات بين الرجّال رسول أبي بكر من جهة ومسيلمة الكذاب من جهة أخرى، فخرج الرجّال على أهل اليمامة وجمع الناس له ثم سار بين الناس يقول لهم إنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: أنه أشرك مسيلمة بن حبيب في الأمر! وما دام الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قد مات، فأحق الناس بحمل راية النبوّة والوحي بعده، هو مسيلمة! فارتد جُل أهل اليمامة بسبب هذا المجرم، وتم قتل من بقي من المسلمين على