من أنَّ الطاعون ناشئ عن فساد الهواء، وقد تبيَّن فساد ما قالوه بمجيء الأحاديث النبوية بخلافه، فالأولى طرح ذلك، والتوكُّل على الله سبحانه وتعالي، انتهى (?).
وما أحسن قول بعضهم:
لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ يُسْتَطَبُّ بِهِ ... إِلاَّ الحَمَاقَةَ وَالطَّاعُونَ وَالْهَرَمَا (?)
وحقيقة الطَّاعون عند الأَطبَّاء ما قال ابن سينا (?) وغيره من الحُذَّاق: الطَّاعون مادة سُمِّيَّة تُحْدِث وَرَمَا قَتَّالًا يَحدث في المواضع الرخوة، والتغابن من البدن، وأغلب ما يكون تحت الإِبط، وخلف الأذن (?).
وَقَرِيبٌ من ذلك قَولُ بعضهم: الطَّاعُون وَرَمٌ رَدِيءٌ قَتَّالٌ يَخْرُج مَعَهُ تَلَهُّبٌ شديد مؤلم جدًّا، ويُصَيِّرُ ما حوله في الغالب أَسْوَدَ أَوْ أَخْضَرَ، وَفِي الأَكْثَر يحدث في ثلاثة مواضع؛ في الإِبط، وخلف الأُذن، وفي اللحوم الرَّخْوَة، وسَبَبُه دَمٌ رَدِيءٌ مَائِلٌ إلى العُفُونة والفساد، مُسْتَحِيلٌ إلى جوهر سُمِّيٍّ يُفْسِدُ العُضْوَ، ويُغَيِّر ما يَلِيه، وربما رَشَحَ دَمًا وصَدِيدًا ويُؤدِّي إلى القلب كيفية رَدِيَّة، فَيُحْدِثُ القَيْءَ والخَفَقَان والغَثَيَان، وأَرْدَؤُه ما حَدَثَ في