وغدا الموالي منهم ... فرحاً بما تحوي الصحيفه

وتعسفوا من تحتهم ... بالظلم والسير العنيفه

باعوا الأمانة بالخيانة ... واشتروا بالأمن الجيفه

لم ينتفع بالعلم إذ ... شغفته دنياه الشغوفه

نسى الإله ولاذ في الد ... نيا بأسباب ضعيفه (?).

لذا يقف العلامة السيوطي في هذا الكتاب ناصحاً لأهل العلم بأن يصونوا علمهم عن أبواب السلاطين، ولا يشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، ويبيعوا الهدى بالضلال.

أما الرسالة الثانية فهي في التحذير من تولي القضاء؛ والأحكام بين العباد، ولعل هذا التحذير يبدو جلياً في الحديث النبوي الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جُعل على القضاء فكأنما ذبح بغير سكين" (?).

فمعنى هذا الحديث التحذير من طلب القضاء، وفى هذا إيضاح أن القضاء محنة وليست منحة، واختبار، وليس اختيار.

ولقد عرف السلف الصالح خطر القضاء، فكانوا يفرون من توليته خوفاً من الوقوع فيما يغضب الله تعالى.

فهذا عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- بعد أن ولاه سليمان بن عبد الملك قبل وفاته، يقف عمر خطيباً في الناس، فيقول:

"أيها الناس، إني قد ابتليت بهذا الأمر من غير رأي كان مني، ولا طلبة له، ولا مشورة من السلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا بأنفسكم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015