فقال هشام: عظني؟.
قال: (سمعت علي بن أبي طالب يقول: (إن في جهنم حيات كالقلال، وعقارب كالبغال تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته) ثم قام وخرج (?).
95 - وعن سفيان الثوري قال: (دخلت على أبي جعفر بمنى، فقال لي: ارفع حاجتك؟ فقلت له: (اتق الله! فإنك قد ملأت الأرض جورا وظلما). قال: فطأطأ رأسه، ثم رفع وقال: ارفع لنا حاجتك؟ فقلت: (إنما أنزلت هذه المنزلة بسيوف المهاجرين والأنصار، وأبناؤهم يموتون جوعا، فاتق الله وأوصل إليهم حقوقهم). قال: فطأطأ رأسه ثم رفع وقال: ارفع إلينا حاجتك؟ قلت: (حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال لخازنه: كم أنفقت؟ قال: بضعة عشر درهما، وأرى ها هنا أمورا لا تطيق الجمال حملها) (?).
فهكذا كانوا يدخلون على السلاطين إذا أكرهوا فكانوا يفرون بأرواحهم في الله أعني علماء الآخرة، فأما علماء الدنيا فيدخلون ليتقربوا إلى قلوبهم، فيدلونهم على الرخص، ويستنبطون بدقائق الحيل السعة فيما يوافق أغراضهم) انتهى كلام الغزالي ملخصا.
96 - وفي (أمالي) الشيخ عز الدين بن عبد السلام التي علقها عنه تلميذه الشيخ شهاب الدين القرافي أحد أئمة المالكية، ما نصه: (ومن جملة كلامه - يعني الشيخ عز الدين رضي الله عنه - وقد كتب إليه بعض أرباب الدولة يحضه على الاجتماع بملك وقتهم، والتردد إليه ليكون ذلك مقيما لجاهه وكاتبا لعدوه. فقال رضي الله عنه: (قرأت العلم لأكون سفيراً بين الله وبين خلقه، وأتردد إلى أبواب هؤلاء!) قال القرافي: (فأشار رضي الله تعالى عنه إلى من حمل العلم، فقد صار ينقل عن الله إلى عباده، فهو في مقام الرسالة ومن كان له هذا الشرف لا يحسن منه ذلك).