هَذِه الْآيَة فِيهَا من مهمات فن الْهَيْئَة أَن السَّمَاوَات وَالْأَرْض كَانَتَا رتقا ثمَّ فتقها وإلقاء الرواسِي فِي الأَرْض أَن تميد بهم وَأَن كلا من الشَّمْس وَالْقَمَر سابح فِي فلكه كل ذَلِك مَحل تدقيق النّظر وإعمال الْفِكر

أما مَسْأَلَة الرتق والفتق فَهِيَ طَوِيلَة الذيل لَدَى الفلاسفة الْمُتَقَدِّمين مِنْهُم والمتأخرين وَهَكَذَا لَدَى المتشرعين فَمنهمْ من يَقُول إِن السَّمَاوَات وَالْأَرْض كَانَتَا شَيْئا وَاحِدًا ملتزقتين ففصل الله تَعَالَى بَينهمَا وَرفع السَّمَاء إِلَى حَيْثُ هِيَ وَأقر الأَرْض.

وَقَالَ كَعْب الْأَحْبَار: خلق الله السَّمَاوَات وَالْأَرْض ملتصقتين ثمَّ خلق ريحًا فتوسطتهما ففتقهما وَعَن الْحسن خلق الله تَعَالَى الأَرْض فِي مَوضِع بَيت الْمُقَدّس كَهَيئَةِ الفهر عَلَيْهَا دُخان ملتصق بهَا ثمَّ أصعد الدُّخان وَخلق مِنْهُ السَّمَاوَات وَأمْسك الفهر فِي موضعهَا وَبسط مِنْهَا د وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {كَانَتَا رتقا ففتقناهما} فَجعل سبع سماوات وَكَذَلِكَ الأَرْض كَانَت مرتقة طبقَة وَاحِدَة ففتقها فَجَعلهَا سبع أَرضين.

وَرُوِيَ فِي معنى الفتق والرتق غير ذَلِك فقد أَتَى ابْن عمر رجل فَسَأَلَهُ عَن الْآيَة فَقَالَ اذْهَبْ إِلَى ذَلِك الشَّيْخ فَاسْأَلْهُ ثمَّ تعال فَأَخْبرنِي.

وَكَانَ ابْن عَبَّاس فَذهب إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ نعم كَانَت السَّمَاوَات رتقا لَا تمطر وَكَانَت الأَرْض رتقا لَا تنْبت فَلَمَّا خلق الله تَعَالَى للْأَرْض أَهلاً، فتق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015