فقالت هل ترى أن آخذ منه شيئا، قال: لا أرى أن تأخذي منه شيئا ولا تأكليه. قال محمد بن رشد: إن كان أراها الله أن تفرق البقية في المساكين فاحتاجت حتى صارت بمنزلة من تفرق عليهم, فلها أن تأخذ لنفسها مثل ما يعطى غيرها على ما قاله في رسم البز من سماع ابن القاسم من كتاب البضائع والوكالات في الذي خرج غازيا فبعث معه بمال ليعطيَ منه كل منقطع فاحتاج هو ولم يكن عنده ما يقوَى به أن له أن يأخذ منه مثل ما يعطي غيره ولا يحابي نفسه، وجواز ذلك يتخرج على قولين وإن كان أراها الله جعلها في غير الصدقة أو فيها على من ليس على مثل حالها فليس لها أن تأخذ منها وإن كانت محتاجة. وبالله التوفيق.
الرابع: قال ابن يونس ما نصه: قال ابن حبيب عن أصبغ فيمن أوصى أن يجعل ثلثه في أفضل ما يراه وأقر به إلى الله عز وجل سبحانه، هل يعتق به رقابًا؟ قال: إن سأل عن ذلك قبل أن يفعل رأيت الصدقة خيرا له، وقال مالك: الصدقة أفضل من العتق، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصدقة شيء عجيب) ومع أنه يبقى في المعتق الولاء لورثته ولو جنى وفعل وأنفذه لم يرد كان عتقا أو غيره. انتهى منه بلفظه.
الخامس: قوله في العتبية: "لحامته" هو بالحاء المهملة والميم الشددة، قال الشيخ الإمام جلال الدين في كتاب الجنائز من حاشيته على الموطإ ما نصه: وحامته أي قرابته وخاصته ومن يحزنه ذهابه وموته, جمع حميم. انتهى منها بلفظها. وقوله: جمع حميم فيه نظر؛ لأن أوزان الجمع المكسر محصورة في أوزان معلومة وليس فاعلة منها فيما أعلم، ولأنه ليس في الصحاح ولا في القاموس ولا في المشارق ولا في النهاية أن حامة جمع حميم، وقد اقتصر في النهاية على أنهما بمعنى واحد، ونصها: حامة الإنسان (?) وخاصته ومن يقرب منه وهو الحميم أيضا. انتهى. وما اقتصر عليه هو أحد قولين في القاموس، ونصه: وكأمير القريب كالمحم كمهم الجمع أحمام وقد يكون الحميم للجميع والمؤنث، ثم قال بعد كلام: والحامة العامة وخاصة الرجل من أهله وولده