باب: في الوصية: وهي مشقة من وصى الشيء بكذا يصيه إذا وصله. ذكره الأزهري. وفي الصباح ما نصه: وصيت الشيء بالشيء أصيه من باب وعد وصية. انتهى. قاله الرهوني. وقال الشبراخيتي: الأزهري: اشتقاقها من وصى الشيء بالشيء إذا وصله به، فالموصي وصل ما كان في حياته بما بعد وفاته، أو أنه وصل خير دنياه بعقباه. انتهى. ابن عرفة: هي في عرف الفقهاء - لا الفراض - عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده. انتهى. قوله: عقد: جنس، وقوله: يوجب لخ أخرج به ما يوجب حقا في رأس ماله مما عقده على نفسه في صحته. قوله: يلزم بموته صفة لعقد، أخرج به المرأة إذا وهبت ثلث مالها ولها زوج ومن التزم ثلث ماله لشخص فإنه يلزم من غير موت. وقوله: أو نيابة بالنصب عطف على قوله حقا. وقوله: لا الفراض أي لأنها عندهم خاصة بما يوجب حقا في الثلث فهي عند الفقهاء أعم لشمولها للقسمين عندهم، قال الحطاب: ولا خفاء في صدقه على التدبير. انتهى.
قال الشيخ أحمد بابا: لا خفاء في عدم صدقه على التدبير لخروجه بقوله: يلزم بموته للزومه قبله بإنشائه. انتهى. ونحوه لمصطفى، وأشار إليه الرصاع في شرح الحدود وهو ظاهر، واعترضه بعضهم بأن التدبير لا يلزم بإنشائه وإلا لما أبطله الدين في موت السيد سابقا أو لاحقا، وإنما الذي فيه عدم الرجوع، قال: والصواب ما في الحطاب. والله تعالى أعلم. انتهى.
قال البناني: قلت بل الحق ما ذكره أحمد بابا ومصطفى، وأما قول هذا البعض وإلا لما أبطله الدين فإنه لا يقتضي عدم اللزوم؛ لأن إبطال الدين له بعد الموت إنما هو لفقد الثلث الذي يلزم فيه, إذ لا ثلث مع استغراق الدين لا له، ويدل على اللزوم أنه في حياة السيد لا يبطله إلا ما يبطل العتق الناجز وهو الدين السابق. فتأمله. انتهى.
وقال الرهوني: اللخمي: الأصل في الوصية قول الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ}، وقوله سبحانه: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}، واختلف في الآية الأولى فقيل المراد بها من لا يرث من الأبوين كالعبد والنصراني، ومن الأقارب من لا يستحق ميراثا ولم تنسخ, وقيل منسوخة في الوالدين ثابتة في الأقارب، وقيل هي منسوخة في الفريقين