وفي الحطاب: أنهما صفتان للمبالغة من رحم بالكسر بعد نقله إلى فعل بالضم، أو تنزيله منزلة القاصر. انتهى. ولا محذور في كون الأسماء مشتقة من المصدر؛ لأن المحكوم عليه بالاشتقاق هو اللفظ فقط، وهو حادث، والقديم هو المعنى ولا يتصور فيه اشتقاق. وبالله تعالى التوفيق.
وأما إعرابها فإن الباء متعلقة بمحذوف، والمختار كونه فعلا؛ لأن أصل العمل للفعل مؤخر للدلالة على الاهتمام والاختصاص، فيقصد الموحد تخصيص اسم الله بالابتداء للاهتمام، والرد على الكفار حيث كانوا يبدءون بأسماء، ءالهتهم، فيقولون: باسم اللات وباسم العزى، والأولى أيضا أن يقدر العامل المذكور خاصا كأولف هنا، لا عاما كأبدا، والمشروع فيه يعين المحذوف في كل مقام، فيقدر عند القراءة: أقرأ، وعند الشراب: أشرب، وهكذا، وقيل: يقدر اسما مبتدءا، والجار والمجرور هو الخبر، فيتعلق بالكون التام وصفا أو فعلا، فإن جعل الخبر كائن كما هو الصحيح، وبسم الله معموله: ففي رفعه لنيابته عنه ونصبه قولان، قاله الشيخ عبد الباقي.
واعلم أن الظرف بالمعنى الشامل للمجرور إذا وقع خبرا كما هنا على أحد الوجهين المتقدمين، أو وصفا، أو حالا، أو صلة سمي مستقرا بفتح القاف، اسم مكان الاستقرار، لأنه استقر فيه الضمير المنتقل إليه من العامل المحذوف، وإن كان غير الأربعة سمي لغوا لإلغاء الضمير منه، والقدر المذكور واجب الحذف؛ لأن هذا كلام جرى مجرى الأمثال.
واعلم أن مقدرات القرءان ضمائرَ مستترةً أو غيرها معانيها من المعاني القرءانية، وأما ألفاظها فليست منه لأنها معدومة، والاسم مأخوذ من السمو عند البصريين وهو العلو؛ لأن الاسم يعلي مسماه ويرفعه من حالة الجهلية إلى ضدها؛ ولذا يكثرون أسماء الشيء الذي لهم به عناية. وأصله سحو كقنو أو عضد حذفت لامه وعوض عنها همزة الوصل بعد تسكين أوله، ويدل على هذا تصغيره وتكسيره. والفعل وهو سميت وسائر تصاريفه، وعند الكوفيين من الوسم وهو العلامة، وأجابوا عن دليل البصريين بأنه من القلب بجعل الفاء في موضع اللام، ورد بأن البناء كامل التصاريف، وإنما يدعى القلب في ناقصها، وللداني رحمه الله:
واشتق الاسم من سما البصريون ... واشتقه من وسم الكوفيون