وقال المواق من سماع عيسى: ومن اللخمي: من أقر أنه وطء جاريته، فإن لم ينزل أصلا لم يلزمه الولد, وإن أنزل وعزل الماء عن الموطوءة وأنزله خارجا منها احتمل أن يكون يسبقه شيء فوجب أن يلزمه الولد: وقال اللخمي: إن قال وطئت ولم أنزل قبل قوله، وإن قال كنت أنزلت لحق به إلا أن يكون العزل البين، وإن كان الوطء في الدبر أو بين الفخذين كان فيهما قولان, قيل يلحق به الولد لأن الماء يصل إلى الفرج، وقيل لا يلحق به الولد لأن الماء إذا باشر الهواء فسد، والأول أحسن. انتهى كلام المواق. وقال التتائي: فلو كان بين شفري الفرج لكانت به أم ولد اتفاقا، ومفهوم الشرط أنها لا تكون بوطء ليس فيه إنزال. قاله ابن القاسم. انتهى
الحطاب عن الشيخ أبي الحسن: جعلها عياض على ثلاثة أوجه: إن كان وطؤه وإنزاله في الأعكان وغير ذلك من جسدها فيما يتحقق أنه لا يصل إلى الفرج شيء فهذا لا يلحق به عندهم ولد، الثاني أن يكون بين الفخذين وقد تقدم. انتهى. وتقدم ذكر الخلاف فيه وفي الوطء في الدبر عن اللخمي , الوجه الثالث أن يكون بين الشفرين فهذا لم يختلف في لحوق الولد منه. انتهى.
وقد نزلت مسألة العزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل، كنت أعزل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الوكاء ينفلت وألحق به الولد، قال عياض: الوكاء بكسر الواو ممدود: استعارة وتشبيه بخروج الماء في الفرج قبل العزل، والوكاء: الخيط الذي يشد به فم القربة. انتهى. وقال الحطاب: قال ابن القاسم , ومن زعم أنه كان يطأ جاريته ولا ينزل فجاءت بولد فإنه لا يلحقه ولا تكون به أم ولد؛ لأنه إذا زعم أنه كان يفضي وينزل ويعزل فالعزل قد يخطئ ويصيب ولذلك لزمه الولد، وإذا قال كنت أطأ ولا أنزل فإنه ليس ها هنا موضع خوف في أن يكون قد أفضى فيها، فلذلك لم يلزمه الولد. ابن رشد: هذا بين لأن الولد إنما يكون من الماء الدافق، قال الله عز وجل: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}، فإذا لم ينزل أصلا علم أنه لم يكن ما يكون عنه الولد، فوجب أن لا يلزمه وإذا وطئ وأنزل فعزل الماء عن الموطوءة وأنزله خارجا منها احتمل أن يكون لم يعزله بجملته، وسبقه شيء كان عنه الولد فوجب أن يلزمه أنها صارت فراشا له بوطئه إياها، فوجب أن يلحق به حتى يوقن أنه ليس منه. وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث العزل: (ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي