ابن رشد قال: ذكر ابن القاسم هذا ليبين أن هذا ليس مما يعاب به أحد وهو بين، قال الله عز وجل: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ونقله الرهوني، وزاد عقب هذا ما نصه: وقال عمر بن الخطاب: كرم المؤمن تقواه، ودينه حسبه، ومروءته خلقه.

وروي أن أبا الدرداء توفي له أخ لأبيه وترك أخا أي لأمه، فنكح امرأته فغضب أبو الدرداء حين سمع ذلك فأقبل إليها فوقف عليها، فقال: أنكحت ابن الأمة؟ فردد ذلك عليها: فقالت: أصلحك الله إنه كان أخا زوجي وكان أحق بي يضمني وولدي فسمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل إليه حتى وقف ثم ضرب على منكبيه فقال: (يا أبا الدرداء يا ابن ماء السماء: طف الصاع طف الصاع طف الصاع) وتطفيف الصاع هو تقصيره عن الامتلاء، ومنه قوله عز وجل: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}، وقال أبو عبيد: هو أن يقرب من الامتلاء ولما يمتلئ، فمعنى [الحديث] (?) لا انتقص أخا أخيه لأبيه بأنه ابن أمة كان في ذلك وصفه لنفسه بالكمال من جهة النسب , فرد النبي صلى الله عليه وسلم بأن أعلمه بتساويه معه ومع الناس جميعا في النقصان، بقوله: طف الصاع طف الصاع طف الصاع، وإن تباينوا في النقصان بقدر أعمالهم المحمودة إذ لا يدرك بنفسه درجة الكمال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا) (?) ففي هذا دليل على أنهم إذا لم يفقهوا كان من فقه ممن دونهم أرفع منهم؛ وفي هذا علو مرتبة أحل الفقه على من سواهم. وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه: (ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين أو عمل صالح) (?). الحديث. وبالله التوفيق. انتهى. انتهى. ونقله عن ابن رشد الرهوني.

قوله في الحديث: (طف الصاع) لم يتعرض ابن رشد لضبطه، هل هو فعل أو مصدر؛ وكلام ابن الأثير يقتضي أنه مصدر، لكن في حديث آخر ونصه: (كلكم بنو آدم طف الصاع ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى) (?) أي قريب بعضكم من بعض، يقال هذا طف الكيال وطفافه وطفافه أي ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015