والوضع شرط في ترتب الأحكام ققط، بل بعضها لا يتوقف عليه كمنع (?) بيعها فليتأمل بإنصاف. وقد صرح الجزولي وابن رشد بأن المشهور فيمن مات عنها سيدها وهي حامل أنها تعتق في الحال قبل وضعها. انتهى. ونحوه لجسوس وهو ظاهر وما ذكره من منع بيعها قبل الوضع أمر مسلم، ففي ابن عرفة ما نصه: والمذهب منع بيع أم الولد وحكاه غير واحد إجماعا ومنع بعضهم ثبوته، وكذا بيعها حاملا من سيدها، حكى البردعي في احتجاجه على بعض الحنفية الإجماع على منع بيعها, وقدح فيه بعض فقهاء تونس على قول من يجيز بيع الحامل ويستثني جنينها، وأخبرني بعض من لقيت من الثقات الحفاظ أنه وقف على حاشية في رسالة ابن أبي زيد بخط من يعتد به إمضاء بيعها عن علي بن زياد، ونقله ابن غازي في تكميله وقال عقبه: فأما الإجماع على منع بيع أم الولد فممنوع كما حكي عن بعضهم.
وقد ذكر ابن رشد في المقدمات فيها أربعة مذاهب، ثم قال: وأما قول ابن عرفة: أخبرني بعض من لقيت فمراده به أبو عبد الله السطي الفاسي كذا وقفت عليه مقيدا عنه، وأغرب مما حكاه عنه ما في فصل استصحاب الحال من كتاب أحكام الفصول في أحكام الأصول لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي عن داوود الظاهري وأتباعه، ومحمد بن سحنون وأبي جعفر أحمد بن نصر الداوودي من جواز الإقدام على بيع أم الولد، فأين الاتفاق فضلا عن الإجماع هذا بعد الموضع؟ وأما في حال العلوق فقد سلم المتناظران وغيرهما الإجماع لولا نقض بعض فقهاء تونس. انتهى. قلت: تسليمهما نقض الإجماع بالتخريج المذكور عجب بالنسبة إلى جلالتهما؛ لأن التخريج إنما هو قياس فكيف ينقض الإجماع بقياس هذا البعض؟ ومن المعلوم المقرر أن القياس المصادم للإجماع فاسد وابن عرفة ممن يقول بذلك، وكذا ابن غازي. فتأمله. والله الموفق. وممن حكى الإجماع على الأمرين معا وساق الثاني دليلا على الأول ابن يونس نقلا عن سحنون وسلمه، ونصه: قال سحنون: وقد قام من إجماع الصحابة بالمدينة في منع بيع أمهات الأولاد ما لا يسع خلافه، وقد قضى به عمر رضي الله عنه بعد المشورة وهو رأي علي في ذلك، وحكم عثمان رضي الله عنه