عجزه عن البعض كعجزه عن الجميع، وهو تشبيه في قوله: فيرق أو غاب عند المحل، المراد بالمحل الحلول لا المكان ولا مال له حاضر يعدى فيه، وظاهره كانت الغيبة قريبة أو بعيدة، كان مليا هناك أم لا وهو ظاهر لاحتمال تلف ما بيده قبل مجيئه أو إرساله، ولا بد من تقييد كلامه بما إذا كانت غيبته بغير إذن سيده، أما إذا كانت بإذنه فلا يعجزه بذلك، وظاهره ولو طال وفسخ الحاكم في عجزه عن أداء شيء أو غيبته مع امتناع المكاتب من التعجيز، ثم إن امتناع الحاضر ظاهر، وأما الغائب فإنها يكون بعد قدومه وقبل الحكم بتعجيزه، فإن رضي كل بالتعجيز ولا مال له ظاهر فلا يحتاج إلى الحاكم، وكذا إذا طلب العبد وحينئذ فقوله: "وفسخ الحاكم" لا يجري فيما إذا اتفقا ولما فيما إذا طلب العبد التعجيز، وحده بل فيما إذا طلب السيد وحده كما سبق. اهـ.

وقال عبد الباقي: كإن عجز عن شيء من النجوم فيرق لأن عجزه عن البعض كعجزه عن جميع نجومها, أو غاب بغير إذن سيده عند المحل أي الحلول للكتابة فليس المراد به المكان والحال أنه لا مال له ظاهر يعدى فيه ثم قدم فإن ذلك تعجيز، وحذف عند المحل من التي قبلها لدلالة هذه عليها، وظاهره قربت غيبته أو بعدت، كان مليا أم لا وهو ظاهر لاحتمال تلف ما بيده قبل مجيئه أو إرساله، فإن غاب بإذنه لم يعجزه بذلك. قاله أحمد. وظاهره ولو طال وفسخ الحاكم كتابته في مسألتي عجزه عن أداء شيء وغيبته عند المحل حيث أبي المكاتب من التعجيز، وإباية الحاضر ظاهرة وإباية الغائب إنها تكون بعد قدومه وقبل الحكم بتعجيزه، فإن رضي كل بتعجيزه ولا مال له ظاهر لم يحتج لحكم. انتهى.

قال مقيده عفا الله عنه: حاصل ما أشار إليه هذان الشارحان في مسألة غيبة المكاتب عند حلول الكتابة أو شيء منها أنه يحكم عليه بالعجز حيث لم يكن له مال ظاهر، فإن حكم فالأمر واضح وإن قدم قبل أن يحكم عليه بالعجز، فإن اتفق مع السيد على ذلك والحال أنه لا مال له ظاهر كفى ذلك عن الحكم بالفسخ فلا يخالف قوله: "إن اتفقا ولم يظهر له مال"، فإن امتنع من التعجيز بعد القدوم وقبل الحكم فلا بد من الحاكم، وإن امتنع السيد دون العبد فلا بد من الحاكم أيضا على ما للمص لا على ما مر عن ابن رشد. والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015