باب: ذكر فيه الكتابة والمكاتب وما يتعلق بذلك، والكتابة مشتقة من الكتاب الذي هو الأجل المضروب , لقوله تعالى: {إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} أي أجل مقدر: أو من الإلزام لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي ألزمتكم الصيام كإلزامه الذين من قبلكم. و {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} والعبد ألزم نفسه المال، ويقال في المصدر: كتاب وكتابة ومكاتبة , قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} الآية.

وعرف ابن عرفة الكتابة بقوله: عتق على مال مؤجل من العبد موقوف على أدائه. قوله: على مال , أخرج بد العتق على غير مال وهو المبتل والمعتق إلى أجل، وقوله: مؤجل أخرج به القطاعة. وقوله: موقوف على أدائه بالرفع صفة لعتق أخرج به العتق العجل على أداء مال إلى أجل فإنه ليس بكتابة. وأخر المص الكتابة عن التدبير لكونها بمعاوضة، وقدمها على أم الولد وإن كانت شائبتها أقوى لكونها من رأس المال؛ لأنها عتقها جبري وفيها اختياري وحكمها الندب على المعروف , وبهذا قال:

ندب مكاتبة أهل التبرع يعني أنه يندب للسيد إذا كان من أهل التبرع أن يكاتب عبده وأهل التبرع هو المكلف الرشيد، قال التتائي: خرج الصبي والمجنون والمحجور, وقال عبد الباقي: ندب مكاتبة أهل التبرع بكل ماله أو بعضه؛ أي ندب لأهل التبرع أن يكاتب عبده، "فمكاتبة" مصدر لمضاف إلى فاعله، ومحل الندب إن طلب الرقيق ذلك وإلا لم تندب. اهـ. ومنطوق المص مسلم وفي مفهومه تفصيل، فإن كان مجنونا أو صبيا غير مميز فهي باطلة، وإن كان صبيا مميزا أو سفيها فكذلك بناء على أنها عتق، وأما على أنها بيع فتصح منهما ويتوقف لزومها على إجازة الولي , وإن كاتب مريض أو زوجة في زائد الثلث كانت صحيحة متوقفة على إجازة المولي.

قال عبد الباقي: وتصح من السكران بناء على أنها عتق لتشوف الشارع للحرية، وتبطل على أنها بيع على ما مر في البيع. اهـ. وقول المص: "أهل التبرع" قال ابن عاشر: وعبارة ابن الحاجب كابن شأس شرطه التكليف وأهلية التصرف، زاد ابن شأس: ولا يشترط أن يكون أهلا للتبرع, فتجوز مكاتبة القيم لعبد الطفل. اهـ. وأجاب ابن مرزوق بأن المص لما عين الحكم وهو الندب - وكان هذا الحكم مقصورًا على أهل التبرع، وأما غيرهم فيجوز لهم جريا على حكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015