وأشار إلى صيغ التدبير الصريحة بقوله: بدبرتك يعني أن التدبير يكون بدبرتك، فإذا قال لعبده دبرتك فإن ذلك عقد لازم لا رجوع له فيه. قال الخرشي: هذا شروع في صريح التدبير وهو متعلق بالمصدر وهو تعليق: والمعنى أن المكلف إذا علق العتق على موته بصيغة من الصيغ الثلاث، يعني: بدبرتك , أو أنت مدبر أو حر عن دبر مني فإنه يكون تدبيرا صريحا إلا أن يقول ما لم أغير ذلك أو أرجع عنه أو أفسخه، فإن ذلك يكون قرينة صارفة عن التدبير إلى الوصية، وهذا حكم صريح في الوصية إذا صحبته قرينة على التدبير انعقد كقوله: إذا مت فعبدي فلان حر لا يغير عن حاله ونحو ذلك. انتهى كلام الخرشي. وقال الشبراخيتي: وقد يصحب صريح التدبير قرائن تصرفه للوصية كعكسه.
قال ابن عبد السلام: فالأول إذا اقترن به ما يدل على الوصية من اشتراط التغيير أو الرجوع، والثاني ما قدمه المص بقوله: "إن لم يرده ولم يعلقه"، والفرق بين أنت حر عن دبر مني وبين حر بعد موتي أن هذا لما كان صريحا في الباب لم يحتج إلى الإرادة, بخلاف حر بعد موتي. اهـ.
تنبيه: ظاهر قول المص أن هذه الصيغ الثلاث تدبير مطلقا علقها أم لا، وقد مر لي التصريح بذلك وهو ما في كتاب محمد وكتاب ابن سحنون، ولابن رشد عن ابن القاسم خلاف ذلك، وفي المواق ما نصه: والذي لابن يونس ما نصه: قال ابن القاسم: من قال في مرضه إن مت من مرضي فعبدي فلا ن مدبر فهو تدبير لازم ولا رجوع فيه. وقاله ابن كنانة: وقال ابن رشد: إن قيد تدبيره بمرض أو سفر أو ما أشبه ذلك مما قد يكون أو لا يكون، مثل أن يقول إن مت من مرضي هذا أو سفري هذا أو في هذا البلد أو أنت مدبر إذا قدم فلان وما أشبه ذلك، فقال ابن القاسم في العتبية: إنها وصية وليس بتدبير وله أن يرجع عنه في مرضه ذلك وبيعه إن شاء، وقال في كتاب ابن المواز وكتاب ابن سحنون: إنه تدبير لازم وهذا الخلاف عندي قائم من المدونة. راجع المقدمات.
واتفق قول ابن القاسم أنه إذا قال أنت حر بعد موتي أو إذا مت أنه محمول على الوصية حتى يتبين أنه أراد التدبير وخالفه أشهب ولكلا القولين وجه من النظر أعني قولي ابن القاسم وأشهب؛ ولو قال: إن فعلت كذا وكذا فعبدي حر بعد موتي ففعله لكان مدبرا لا رجوع فيه على قوليهما جميعا لوجوب العتق عليه بالموت بعد الحنث. قال ابن العربي: فالمعلق أشد من غير