اللزوم وعدمه من الأحكام. وقد وجدت بخط شيخنا العلامة المحقق أبي عبد الله سيدي محمد بن أحمد المسناوي قدس الله تعالى روحه ما نصه: الحمد لله، ذكر أبو القاسم الغبريني في بعض أجوبته المذكورة في نوازل الوصايا من المعيار ما حاصله أن التدبير من باب الوصية الملتزم فيها عدم الرجوع ووجه ذلك بما يوقف عليه فيه. اهـ. قال العلامة المحقق أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن علي الشريف التلمساني في رد جواب الغبريني: جعل التدبير والوصية جنسا واحدا ناشئ عن عدم فهم كلام أئمة المذهب في ذلك، ثم نقل من كلام محمد بن سحنون ما معناه أن التدبير عقد ناجز حال في عين العبد ونازل فيه، تراخى حكمه عنه إلى الموت فصار كالعتق إلى أجل إلا أنه يخرج من الثلث، وأما الموصى بعتقه فلم يحل فيه عتق ولا نزل فيه إلا ما يعقده الموصى إليه بعد الموت، فكونه موصى بعتقه صفة فعل للسيد، هذا مراد محمد بن سحنون بقوله في الموصى بعتقه: هذه صفة فعل لسيد. وقولهم مدبرا اسم لعين العبد.
قال: وقد فسر القاضي أبو الوليد بن رشد هذا المعنى وشرحه أحسن تفسير وأتم شرح، فقال: الفرق بين الوصية والتدبير أن التدبير عقد أوجبه السيد على نفسه في حياته إلى أجل ءات لا محالة، فوجب أن لا يكون له الرجوع فيه بقول ولا فعل كالعتق لأجل؛ لأن العتق عليه عند الموت وحمل الثلث له بعقد السيد له العتق والوصى بعتقه لم يعقد السيد له عقد عتق في حياته، وإنما أمر أن يعتق بعد وفاته، فالعتق إنما يقع عليه بعد موت الوصي كمن وكل رجلا يبيع عبده أو يهبه فله أن يرجع عن ذلك بما شاء من قول أو فعل ما لم يعقد الوكيل فيه ما أمره به. اهـ.
وبه يفهم على التمام كلام ابن سحنون المذكور، وفي المدونة أيضا ما يشهد لمغايرتهما في الجنس، قال سحنون فيها: قلت لابن القاسم: أي شيء هذا التدبير في قول مالك؟ قال: هذا إيجاب أوجبة السيد على نفسه والإيجاب عند مالك لازم، ثم قال: وأما الوصية فقال في المدونة إنها عدة والعدة ليست بإيجاب والتدبير إيجاب والإيجاب ليس بعدة، ولأجل أن التدبير عقد ناجز في عين العبد استتبع الأولاد بخلاف الوصية، وقد حكى ابن القصار الإجماع على استتباع الأولاد في التدبير دون الوصية واحتج بذلك على لزوم التدبير، وكان شيوخنا يقولون: إن عتق المدبر وضع لخدمة كما أن عتق المكاتب وضع لمال وذلك لقوة عقد العتق فيهما وفي المدونة ما يشهد لما ذكروه.