قال الخرشي عقب قوله: كالقسمة ما نصّه: هذه الجملة على أربع مسائل: الأولى إذا بتل عتق عبيده في مرضه ولم يحملهم الثلث، الثانية: إذا أوصى بعتقهم ولم يحملهم الثلث. أهـ المراد منه. وقال المواق: قال أبو عمر: لم يختلف قول مالك فيمن أوصى بعتق عبيده ولا مال له غيرهم أنَّه يقرع بينهم، فيعتق ثلثهم بالسهم ولم يختلف أكثرهم أن هذا حكم من أعتق عبيده في مرضه بتلا ولا مال له غيرهم، إلا أشهب وأصبغ قالا: إنما القرعة في الوصية. أهـ. وما ذكره المواق من قوله في المسألتين ولا مال له غيرهم بيان للوجه المعتق عليه والذي عليه الأكثر. وقال المغيرة: إنما القرعة فيمن أعتق عبيده عند موته ولا مال له غيرهم وهو خلاف المشهور، والمشهور أنَّه يسهم ولو كان له مال غيرهم إذا لم يحملهم الثلث، كما أشار المص إلى ذلك بقوله: "ولم يحملهم الثلث" فإنَّه يقتضي أنَّه لا فرق في ذلك بين أن يكون له مال غيرهم أم لا.
أو أوصى بعتق ثلثهم يعني أنَّه إذا أوصى بعتق ثلث عبيده ولم يعين من يعتق أو بتل عتق ثلث عبيده في مرضه كما في المدونة: فإنَّه يقرع بينهم كالقرعة المتقدمة في باب القسمة. أو بعدَدٍ سماه من أكثر يعني أنَّه إذا أوصى بعتق عدد سماه من عبيده كأعتقوا عشرة وهم ثلاثون مثلا، فإنَّه يقرع بينهم كالقرعة المتقدمة في باب القسمة.
وعلم مما قررت أن قوله: أقرع كالقسمة جواب الشرط، فهو راجع للمسائل الأربع، وصفة القرعة فيما عدا المسألة الأخيرة أن يقوم كل واحد منهم ويكتب اسمه في ورقة مفردة وتخلط الأوراق بحيث لا تتميز واحدة من البقية ثمَّ تخرج واحدة ويفتح، فمن وجد اسمه فيها عتق بأن ينظر إلى قيمته، فإن كانت قدر ثلث الميت فواضح وإن زادت عتق منه بقدر ثلثه وإن نقصت أخرجت أخرى وعمل فيها كما عمل في الأولى وهكذا. وصفة القرعة في المسألة الأخيرة مختلفة فإن عين العدد الذي سماه من أكثر باسمه المعين وحمله الثلث فواضح، وإن لم يحمله سلك فيه ما تقدم وإن لم يعين اسمه وإنما سمى العدد فقط فإنَّه ينسب عدد من سماه إلى عدد جميع رقيقه، وبتلك النسبة يجزءون حيث أمكن تجزئتهم فإن أعتق عشرة من رقيقه وهم أربعون فتنسب العشرة للأربعين، وبتلك النسبة تقع التجزئة فتجعل كل عشرة منهم جزءًا على حدته من غير نظر لقيمة كل جزء، ويكتب في ورقة حر وفي ثلاث ورقات رقيق، ثمَّ تخلط الأوراق وترمى كل ورقة منها