قال الشيخ عبد الباقي وغير واحد قوله: كلتعتقني هو القسم الثاني؛ يعني أنَّه إذا قال العبد الذي دفع مالًا لمن يشتريه: اشترني لتعتقني فإن الحكم فيها ما ذكر أي فلا شيء عليه إن استثنى ماله: وإلا غرمه وبيع فيه يعني إنه إذا لزم المشتري غرم الثمن مرة ثانية للبائع، وذلك إذا لم يشترط ماله فإن العبد يباع في إمضاء الثمن الذي أخذ به العبد في المسألتين؛ لأنه للبائع سيد العبد ولا بد من البيع إذا لم يكن عند المشتري إلا العبد، قال عبد الباقي: وإذا لزم المشتري غرمه - يعني الثمن - ولم يوجد معه بيع العبد فيه أي في الثمن، فإن تساوى الثمنان فواضح، وإن وفي بعضه بقي الباقي ملكا للمأمور بالشراء، وإن بقي من الثمن شيء بعد بيع جميعه كان في ذمته يعني في ذمة المشتري.
وقال الشبراخيتي: وبيع العبد فيه أي في الثمن الذي اشتراه به حيث قال له: اشترني لنفسك، أو قال: لتعتقني، وأعتقه فإنَّه يباع فيه. أهـ. وهو ظاهر لأنه أعتقه وهو مدين، وقوله: "كلتعتقني" هذه النسخة أثبتها المواق وعليها شرح الخرشي، فإنَّه قال ما نصّه التشبيه تام والمعنى أن العبد إذا دفع مالا لآخر ليشتريه من سيده ويعتقه ففعل فالبيع لازم، فإن كان المشتري استثنى مال العبد فإنَّه يعتق ولا يغرم الثمن ثانية للبائع، وإن لم يستثنه فإنَّه يغرم الثمن ثانية للبائع. اهـ. وفي الشبراخيتي أنَّه إن لم يعتقه فهو رق.
ولا رجوع له على العبد يعني أنَّه إذا غرم الثمن للسيد فإنَّه لا رجوع له أي للمشتري على العبد الذي أعتق بما غرمه للسيد مرة ثانية، فهو راجع لقوله: "كلتعتقني" وكذا قوله: والولاء له يعني أن العبد إذا دفع مالًا لمن يشتريه به ليعتقه؛ بأن قال: اشترني لتعتقني، فإنَّه إذا اشتراه وأعتقه فإن الولاء له أي ولاء العبد المعتق لمن اشتراه وأعتقه.
تنبيه: قد مر أنَّه إذا تساوى الثمنان فالأمر واضح، وإن نقض الثاني اتبع البائع ببقية الثمن الأوّل المشتري، وإن زاد الثمن الثاني ملكه المشتري، وهذا في مسألة اشترني لنفسك. وأما في مسألة اشترني لتعتقني فكذلك إلا فيما إذا زاد العبد فإنَّه يعتق من العبد ما زاد. قاله عبد الباقي. فإن كان الثمن الأوّل عشرة وثلثا العبد يباعان بعشرة فإنَّه يعتق منه ما زاد على العشرة وهو الثلث. والله تعالى أعلم.