قال مقيده عفا الله عنه: كلام المدونة هذا صريح أو كالصريح في أن له أن يبتله بعد أن دبر أو أعتق لأجل أو كاتب، ولا يعارضه قوله: ولا ينتقل بعد اختياره أحدهما كما هو ظاهر، ومعنى كلام المص أن الشريك الذي لم يعتق حصته يخير بين أن يعتق وبين أن يأخذ قيمة نصيبه كما عرفت، فإذا اختار أحد الأمرين فليس له أن ينتقل إلى غيره، فإذا اختار العتق فليس له الانتقال عنه وإذا اختار التقويم فليس له أن ينتقل إلى غيره. قال عبد الباقي: ولا ينتقل بعد اختياره أحدهما معينا لغيره ما لم يرض الآخر. أهـ. قوله: لغيره متعلق "بينتقل"، وقوله: ما لم يرض الآخر قال الرهوني: هو ظاهر إن كان اختار التقويم وإن كان اختار العتق، فإن كان قد وعد به فظاهر أيضًا على المشهور في الوعد من أنَّه لا يلزمه الوفاء به إن لم يقع توريط، وأما إن كان أوقع العتق بالفعل فلا يصح الرجوع للتقويم ولو رضي المعتق تأمل. أهـ.
وقال المواق من المدونة: إن أعتق نصيبه في يسره فقال شريكه أنا أقوم عليه نصيبي، ثمَّ قال بعد ذلك: أنا أعتق لم يكن له إلا التقويم. أهـ. وقوله: "ولا ينتقل بعد اختياره أحدهما" قال التتائي: وظاهره أنَّه لا فرق بين اختياره ذلك من قبل نفسه أو تخيير المعتق له أو الحاكم. أهـ. وقال الشبراخيتي: ومعنى كلامه أن الشريك الذي لم يعتق إذا خير بين العتق والتقويم على المعتق فاختار أحدهما فليس له الانتقال بعد ذلك إلى غير ما اختاره، وظاهره أنَّه لا فرق بين اختياره ذلك من قبل نفسه أو تخيير المعتق له أو الحاكم. أهـ.
وإذا حكم بمنعه لعسر مضى الضمير في منعه للتقويم؛ يعني أنَّه إذا حكم بمنع التقويم لأجل عسر الشريك المعتق فإن ذلك الحكم يمضي فلا يقوم عليه إن أيسر بعد ذلك، فقوله: "بمنعه" بالنون قال عبد الباقي: وإذا حكم أي حكم الحاكم أو الشرع وإن لم يكن حكم حاكم بمنعه بنون أي بمنع تقويم حصة الشريك على المعتق لعسر مضى الحكم، فلا يقوم بعد يسره، والنون هي التي في النسخة الصحيحة كما قال ابن غازي، وفي نسخة الشارح: ببيعه بياء موحدة قبل العين وهي صحيحة؛ أي إذا حكم الحاكم ببيع الشريك حصته لغير المعتق لعسره مضى ولا ينقض ليسره بعد الحكم، وإن لم يحصل بالفعل والحكم بجواز البيع مستلزم لمنع التقويم فهو بمثابة الحكم بمنع التقويم فلا فرق بين النسختين كما قاله أحمد. أهـ.