في اشتراط الدفع بالفعل، فقال: نصوص المالكية قل أن تجد فيها النص على اشتراط دفع القيمة في حصول العتق، وإنما يشترطون في التقويم الحكم بالعتق وإن لم يقبل الشريك بل يتبع به ذمة الملي، وإنما ذكر هذا الشرط عبد الوهاب ونقله عنه ابن شأس وتبعه ابن الحاجب والمص. أهـ. قال مصطفى: وما قاله ابن مرزوق غير مسلم، بل الخلاف في ذلك مشهور لكن المذهب عدم توقف العتق على دفع القيمة، ففيها: إن ابتعت أنت وأجنبي أباك في صفقة جاز البيع وعتق عليك وضمنت للأجنبي قيمة نصيبه. أهـ قول البناني عن مصطفى.
والمذهب عدم توقف العتق على دفع القيمة لخ، يشهد له كلام ابن يونس ونصه: قال سحنون: أجمع أصحابنا أن من أعتق شقصا له في عبد أنَّه بتقويم الإمام عليه حر بغير إحداث حكم. أهـ. لكن كلام القرطبي يشهد للمص ومن وافقه وقد نقله العلامة الأبي وسلمه، فإنَّه قال عند قوله في صحيح مسلم: (وأعطى شركاءه حصصهم) ما نصّه: القرطبي: ظاهره أن العتق بعد التقويم والإعطاء معا، فلو وجد التقويم دون إعطاء لم يكمل العتق إلا بمجموعهما وهو ظاهر حكاية الأصحاب عن المذهب، غير أن سحنونا قال: أجمع أصحابنا أن من أعتق شركا له في عبد أنَّه بتقويم الإمام حر، فظاهره أنَّه بالتقويم حر وإن لم يكن إعطاء وفيه بعد. أهـ.
أما استدلال مصطفى بكلام المدونة فليس ببين؛ لأنَّ العطف فيها بالواو وهي لا ترتب، ولأنه لو حملت على ظاهرها لاقتضى كلامها أن نصيب الأجنبي يعتق على الابن بمجرد الشراء من غير توقف صلى حكم ومن غير نظر إلى كونه موسرا أو معسرا وليس كذلك، نعم في المدونة ما يشهد لما قاله، ونصها: وإذا أعتق أحد الشريكين نصيبه وهو ملي، ثمَّ أعتق شريكه نصف نصيبه عتق باقي حصته عليه؛ لأنه قد أتلف نصيبه بعتقه لبعضه ولا يقوم على الأوّل إلا إذا قيم عليه والعبد غير تالف، ألا ترى أنَّه لو مات العبد قبل التقويم لم يلزم المعتق الأوّل شيء؟ أهـ. فانظر قولها قبل التقويم، فمفهومه أنَّه لو مات بعد التقويم للزمه العتق، ويأتي عن ابن رشد قريبا نحو هذا وبه يعلم أنَّه لا يعول على ما للقرطبي وإن سلمه الأبي. والله أعلم. قاله الرهوني.
تنبيه: قال الرهوني: مفهوم قول المدونة: وهو ملي أنَّه لو كان معسرا لم يلزم الثاني إلا ما عتق، وقد صرح به في الجلاب ونصه: وإن كان عبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه منه وهو معسر،