قوله: "وعتق بنفس الملك" أي بأي وجه كان ببيع أو إرث، بل أو غير ذلك كصداق بل وإن بهبة لخ، كان هناك دين أم لا، ثم أتى بما هو كالاستثناء من ذلك في صورة العطف، فقال: "لا بإرث أو شراء وعليه دين فيباع". واللَّه تعالى أعلم.
قال عبد الباقي: لا إن ملك من يعتق عليه كله أو بعضه بإرث أو شراء وعليه دين فيباع في الدين، وإن علم البائع أنه يعتق عليه إذ لا يستقر ملكه عليه حتى يعتق عليه. اهـ المراد منه. وقوله: "بإرث أو شراء وعليه دين" وأما لو ملكه بعطية كهبة أو صدقة أو وصية فقد مر أنه لا يباع في الدين بل يعتق إن علم المعطي بأنه يعتق عليه، وهذا -أعني قوله: "لا بإرث"- أعم من قوله في المفلس: ولو ورث أباه بيع، وقوله: "لا بإرث" هو مذهب ابن القاسم، وقال أشهب: إذا ملكه بإرث عتق ولا يباع في الدين وقد مر ذلك.
وأشار إلى القسم الثاني من أقسام العتق الجبري بقوله: وبالْحكْمِ إنْ عَمَدَ لِشَيْنٍ برَقيقِهِ أوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ يعني أن الحر المكلف الرشيد إذا مثل برقيقه أو رقيق رقيقه عامدا للمثلة، فإنه يعتق عليه بالحكم أي يحكم عليه بحرية عبده وعبد عبده بقصده الشين إن شانه، فقوله: "لشين" المراد به المثلة وهي تقبيح الصورة، ويأتي بيان ما تحصل به المثلة. أو لولد صغير عطف على رقيقه، وصرح باللام لأنها في المعطوف عليه معنى؛ يعني أن مثل رقيقه رقيق ولده الصغير ورقيق ولده الكبير السفيه، فإذا مثل برقيق ولده الصغير أو رقيق ولده الكبير السفيه عامدا للمثلة فإنه يعتق عليه بالحكم ويغرم قيمته لمحجوره، وأما إن مثل برقيق ولده الكبير الرشيد فإنه لا يعتق عليه ويغرم أرش الجناية إلا أن يبطل منفعته فيغرم قيمته ويعتق على الأب غير سفيه. الأول من المتضايفين فاعل "عمد"، وعبدٍ عطف على المضاف إليه، ولا بد أن يكون العامد للشين أيضا غير عبد.
وذمي بمثله يعني أيضا أن يكون العامد للمثلة غير ذمي بعبده؛ الذمي أي لا بد أن يكون العامد للشين حرا مكلفا رشيدا مسلما أو ذميا قاصدا للمثلة بعبده المسلم، بخلاف ما لو قصد الذمي المثلة بعبده الذمي فإنه لا يعتق.