كقوله أنت حر اليوم من هذا العمل وكقوله لا سبيل لي عليك والثالث واضح، وفي كونه عتقا باللفظ أو بالنية قولان لظاهر نصوص المذهب وزعم اللخمي. انتهى.

قال مقيده عفا اللَّه عنه: تأمل قوله في الصريح ما لا ينصرف عن العتق بالنية ولا غيرها مع أنه قد تتصور المخالفة من غير لفظ؛ كأن ينعزل عنه مدة لا ينعزل فيها المطيع، وكذا المدح كأن يعجبه صنعه. واللَّه تعالى أعلم.

وبكوهبت لك نفسك هذا أيضا من الكناية الظاهرة كما صرح به عبد الباقي؛ يعني أن السيد إذا قال لعبده وهبت لك نفسك أو وهبت لك خراجك حياتك أو وهبت لك خدمتك حياتك أو وهبت لك عملك في حياتك أو تصدقت عليك بخراجك حياتك أو خدمتك أو أعطيتك نفسك، فإنه يعتق ولا بعذر بجهل هنا ولا يحتاج في هذا إلى نية، وسواء قبل العبد أم لا. قاله عبد الباقي. وقال الشبراخيتي: وأعاد الباء لينبه على مغايرته يعني قوله: "وبكوهبت لك نفسك" لما قبله؛ لأن ما قبله دلالته على العتق لغوية وهذا دلالته عليه شرعية؛ أي دلالة الأول عليه بحسب وضع اللغة وهذا بحسب حكم الشرع. انتهى. يعني أن مغايرة هذا لما قبله ليست لكون أحدهما من الكناية الظاهرة والآخر من غيرها، بل هما معا من الكناية الظاهرة كما عرفت. وباللَّه تعالى التوفيق.

وقال المواق من المدونة: قال ابن القاسم: سمعت مالكا يقول في الرجل يقول لعبده قد وهبت لك نفسك إنه حر، وسألت مالكا عن رجل وهب لعبده نصفه، قال: هو حر كله. انتهى. وفي الميسر في نصه: لو قال: لأمته هي أختي أو لعبده هو أخي فلا عتق عليه إن لم يرده. قاله فيها. انتهى.

وأشار إلى الكناية الخفية بقوله وبكاسقني الماء أو اذهب أو اغرب بالنية يعني أن السيد إذا قال لعبده: اسقني الماء ونوى بذلك عتقه فإنه يعتق، وكذلك إذا قال له اذهب ونوى بذلك عتقه فإنه يعتق، وكذلك إذا قال له اغرب ونوى بذلك عتقه فإنه يعتق، فقوله: "بالنية" راجع للصيغ الثلاث؛ أعني قوله اسقني الماء أو اذهب أو اغرب والباء للمصاحبة، ومفهومه أنه إن لم يرد بذلك العتق لا يكون عتقا ولا يرجع لما قبله من الكناية الظاهرة، ولهذا أتى بالباء ودخل بالكاف كل لفظ لا يدل على العتق مثل: تعال أو اصنع كذا ونحو ذلك. قال الشبراخيتي: وأشار إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015