ولو تيقن بالشهادة القاطعة أنه لم يزل عديما متصل العدم مع غيبة الغرماء وعدم علمهم لرد عتقه ولو ولد له سبعون ولدا، ولو أيسر المعتق ثم قام الغرماء عليه وقد أعسر، فقال مالك: لا يرد عتقه. انتهى.
ومثله عند ابن عرفة فقد أفاد أن الطول وحده يمنع الرد مع قولهم لم نعلم، والقلة إما كونه مظنة العلم والرضى أو احتمال كونه أفاد مالًا في أثناء المدة. وقول مصطفى: على ما ارتضاه ابن غازي يقتضي أنه إذا طال يسقط قيامه ولو علم ببينة أنه لم يعلم لبعد الغيبة ونحوه وليس كذلك -انتهى- غير صحيح بالنسبة للعلة الثانية. ويبقى النظر في العلم وحده، هل يمنع الرد إذا سكتوا مدة تدل على الرضى وإن لم يقع طول، أو لا بد من الطول معه؟ ليس فيما رأينا من النقل ما يدل على شيء من ذلك والأول هو ظاهر المصنف على العطف بأو، وزعم مصطفى أن النقل المتقدم يدل على أنه لا بد من الطول مع العلم وفيه نظر فتأمله. ولذلك اختار نسخة العطف بالواو تبعا للشارح وابن مرزوق. واللَّه تعالى أعلم. انتهى.
قال الرهوني: قول البناني: لأن النقل يدل على أن الطول وحدد كاف لخ صحيح؛ لأن العلم وحده كاف في القرب، فلو كان الطول لا يفيد وحده لكان مساويا للقرب مع أن النقول مصرحة بخالاف ذلك، ويكفي في ذلك كلام التوضيح الذي عند البناني هنا، وكلام ابن عرفة الذي أشار إليه بقوله: ومثله عند ابن عرفة وقد نقله ابن عرفة عن الباجي، ونص الباجي في المنتقى: وإن أمسك الغرماء عن القيام في ذلك بعد العتق، قال ابن عبد الحكم: إن قام الغرماء بعد ثلاث سنين وأربع وهو في البلد، وقالوا: لم نعلم فذلك لهم، كانوا رجالا أو نساء حتى تقوم بينة أنهم علموا، وأما في أكثر من أربع سنين فلم يقبل منهم. وقال مالك في الموازية: استحسن أنه إذا طال الزمان حتى يوارث الأحرار وجازت شهادته ونحوه، قال ابن القاسم: يريد أن يشتهر بالحرية وتثبت له أحكامها بالموارثة وقبول الشهادة ولم يمنع من ذلك الغرماء، فإن ذلك محمول على الرضى بعتقه. وقال أصبغ: إنما هو في التطاول الذي لعله أتت على السيد فيه أوقات يسر، ولو تيقن بشهادة قاطعة أنه لم يزل عديما متصل العدم مع غيبة الغرماء ومن غير علمهم فإنه يرد عتقه ولو ولد له سبعون ولدا. انتهى.