فإذا سرحت قرب المزارع نهارا بلا راع فعلى ربها. وإيضاح معنى المصنف أن ما أتلفته البهائم نهارا من الأمور المذكورة لا يضمنه أحد، بل هو هدر بشرطين: أحدهما إن لم يكن معها راع، فإن كان معها راع قادر على حفظها ضمن ما أتلفته من ذلك سرحت بعد المزارع أو قربها، فإن لم يكن معها راع فإن سرحها ربها بعد المزارع فلا ضمان عليه وهو الشرط الثاني، فإن سرحها قرب المزارع فضمان ما أتلفت من ذلك على ربها.
فقوله: "وإلا" تصريح بالمفهوم الأول أي وإن كان معها راع فعلى الراعي ما أتلفته، سرحها قرب المزارع أو بعدها، وسكت عن مفهوم الشرط الثاني وهو إذا سرحت قرب المزارع وليس معها راع فالضمان على ربها، قال الشبراخيتي: لا ما أتلفته نهارا من المزارع والحوائط فلا ضمان فيه على ربها ما لم تكن عادية وإلا ضمن ما أتلفته ولو نهارا. وفي الموطإ وغيره عنه عليه الصلاة والسلام أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وأن ما أفسدته المواشي باليل ضمانه على أهلها. انتهى.
وعدم الضمان مشروط بشرطين: أحدهما إن لم يكن معها راع شرط في قوله: نهارا يريد أو كان معها وهو عاجز عن دفعها عن الزرع كما ذكره الزرقاني، وثانيهما وسرحت بعد المزارع، المراد بتسريحها بعد المزارع أن تسرح بمكان يغلب على الظن أنها لا ترجع عنه للزرع، فإذا أطلقت بعد مجاوزتها المزارع مجاوزة بينة ورجعت لها وأتلفت منها فلا ضمان وصرح بمفهوم الشرط الأول بقوله: وإلا فإن كان معها راع فعلى الراعي الضمان، ولو سرحت بعد المزارع وهو الموافق لظاهر ما لابن ناجي ومقتضى ما لغيره كالأقفهسي أن فعلها حيث سرحت بعد المزارع هدر، سواء كان معها راع أم لا، وسكت عن حكم مفهوم الشرط الثاني وهو أن الضمان على ربها، ولو قال: وإلا فعلى الراعي أو على ربها كان أولى، وتكون أو للتنويع. وقوله: "فعلى الراعي" إن كان مكلفا وفرط بأن نام مضطجعا، وأما لو نام مستندا فليس بمفرط وإن اختلفا في التفريط وعدمه فالأصل عدم التفريط حتى يتبين خلافه، وإن كان غير مكلف فهدر. انتهى.
وقال التتائي: لا ما أتلفته البهائم نهارا فلا ضمان فيه على ربها إن لم يكن معها راع يحفظها، والحال أنها سرحت بعد موضع المزارع بل أخرجها ربها عن مزارع القرية وتركها بالمسرح فلا