لأنه حكم قد نفذ ومضى. قال ابن حبيب قلت لمطرف: فلو لم يحكم به حتى عاد لهيئته؟ فقال: إذا تسقط القيمة التي وضعت ولا يكون على المفسد شيء إلا الأدب من السلطان بقدر تعديه وإفساده إلا أن يكون ما أفسد من ذلك كأن يرعى وينتفع به فيكون عليه قيمته ناجزا، وليس قيمته على الرجاء والخوف مع الأدب له في ذلك كله. قال ابن حبيب: فسألت عن ذلك أصبغ، فقال عن ابن القاسم عن مالك في صدر المسألة مثل قول مطرف، قال لي أصبغ: وإذا عاد لهيئته قبل الحكم فهو عندي مثله ويقوم على الرجاء والخوف نبت أو لم ينبت، كان ذلك قبل الحكم أو بعده.
قال ابن حبيب: وقول مطرف فيه أحب إليَّ وبه أقول وهو الحق إن شاء اللَّه. انتهى منه بلفظه. فتأمله تجده يفيد أن الراجح قول مطرف في الفرعين جميعا.
تنبيهات: الأول: انظر لمن يكون الزرع على قول مطرف؟ والمتبادر من كلامهم أنه لصاحب الماشية، وصرح بذلك في المقصد المحمود ويأتي لفظه قريبا إن شاء اللَّه.
الثاني: قول ابن سلمون عن الواضحة إلا أن يكون ما أفسد من ذلك كان يرعى الخ نحود لابن عرفة عن ابن حبيب عن مطرف، وقد بين في المقصد المحمود صورة ذلك ونصه: ثم ينظر إلى الزرع فإن كان المرعي منه أوراقه دون أسوقه وأصوله ورجي خلفه رجاء ظاهرا، فإنما يقوم ما يساوي قصيلا على صفته، وإن كان لا يرجى خلفه قوم على ما تقدم في السجل على الرجاء والخوف، فإن ظهرت له بعد ذلك خلفة فهي لرب الماشية لأن القيمة كثمن الزرع ولو جاز بيعه. انتهى منه.
الثالث: قال ابن سلمون: فإن كان الزرع أخضر قوم على الرجاء أن يتم وأخذ صاحبه قيمته دراهم، ولا يجوز أن يأخذ فيه طعاما، ثم قال: وإن كان الزرع قد يبس واستحصد فيلزم أن يدفع مكيلته طعاما في الحب ومكيلة التبن تبنا إن كان استهلك التبن. انتهى منه بلفظه. قال شيخنا الجنوي: فيه نظر، بل الصواب أن يقوم بالدراهم كما قالوا فيمن استهلك صبرة مجهولة العدد من المثلي عليه قيمتها دراهم؛ لأنه لو غرم مثلها ربما كانت إحداهما أكثر من الأخرى فيؤدي إلى المفاضلة. انتهى.