وقال الحطاب: أو نظر له من كوة فقصد عينه وإلا فلا، هذا أيضا عطف على ما فيه الضمان ولم يبين المضمون أيضا هل هو القود أو الدية. واعلم أن الذي يقتضي كلام المازري وغيره من الأشياخ أن هذه المسألة كالتي قبلها، قال المازري في شرح الحديث الأول من هذا المعنى: لو رمى أحدا ينظر إليه في بيته فأصاب عينه فاختلف أصحابنا أيضا في ذلك، فالأكثر منهم على إثبات الضمان والأقل منهم على نفي الضمان، وبالأول قال أبو حنيفة وبالثاني قال الشافعي، فأما نفي الضمان فلقوله صلى اللَّه عليه وسلم: (لو [أن امرأ] (?) اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح) (?)، وأما إثبات الضمان فلأنه لو نظر إنسان إلى عورة إنسان بغير إذنه لم يستبح ففقأ عينه، فالنظر إلى الإنسان في بيته أولى أن لا يستباح به، ومحمل الحديث عندهم على أنه رماد لينبهه على أنه فطن به أو ليدافعه عن ذلك غير قاصد فقأ عينه فانفقأت عينه خطأ فالجناح منتف وهو الذي نفي في الحديث، وأما الدية فلا ذكر لها. وذكر القرطبي في شرح مسلم نحوه فدل هذا الكلام على أن القائلين بالضمان يقولون به سواء قصد فقأ عينه أو لا، إلا أنه إن لم يقصد فقأ عينه ففعله جائز وإنما يضمن الدية، وإن قصد فقأ عينه فلا يجوز فعله ويضمن. والظاهر أن المراد حينئذ بالضمان القود وصرح به ابن شأس والقرافي وابن الحاجب، قال في الجواهر: ولو نظر إلى حريم إنسان من كوة أو صير باب لم يجز أن يقصد عينه بمدرة أو غيرها، وفيه القود إن فعل ويجب تقديم الإنذار في كل دفع وإن كان الباب مفتوحا فأولى أن لا يجوز قصد عينه، والذي نفى بقوله: "وإلا فلا" هو القود أيضا دون الدية. واللَّه أعلم. قال في التوضيح: والصير بكسر الصاد شق الباب. قاله الجوهري. انتهى. قاله في التوضيح. وعلى هذا فيكون الضمان الذي أثبت المصنف أولا بقوله: "أو نظر له من كوة فقصد عينه" هو القود والذي نفى بقوله: "وإلا فلا" هو القود أيضا دون الدية. واللَّه أعلم. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015