لأنه إنما قصد نفع العليل أو رجا ذلك والأصل عدم العداء إن ادعي عليه العداء. انتهى. وتأمل قوله. في الجاهل أولا حيث لم يقصد الضرر، فإنه قال فيه: إن الضمان عليه وعلى عاقلته، وقال فيه أخيرا: إنه يضمن في ماله ولو بلغ ثلث الدية أو أكثر فتعارض كلامه فيه. قال البناني: قول الزرقاني في الجاهل يضمن عليه وعلى عاقلته مناقض لقوله آخر التقرير: وإنما لم يقتص من الجاهل حيث لم يقصد الضرر، بل ما نشأ من فعله في ماله ولو بلغ ثلث الدية لخ. وهما قولان: الأول لعيسى والثاني للإمام مالك كما يأتي عن ابن رشد، وقول الزرقاني في المقصر: فيضمن ما ذكر في ماله لأنه عمد لا قصاص فيه، فيه نظر، بل ذلك على عاقلته كما ذكر ابن رشد في رسم كتب عليه ذكر حق من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان، ونصه:
تحصيل القول في هذه المسألة أن الطبيب إذا عالج الرجل فسقاه فمات من سقيه أو كواه فمات من كيه أو قطع منه شيئا فمات من قطعه أو الحجام إذا ختن الصبي فمات من ذلك أو قلع ضرس الرجل فمات من ذلك، فلا ضمان على واحد منهما في ماله ولا على عاقلته إذا لم يخطئا في فعلهما، إلا أن يكون قد تقدم السلطان إلى الأطباء والحجامين أن لا يقدموا على شيء مما فيه غرر إلا بإذنه ففعلوا ذلك بغير إذنه، فأتى على أيديهم فيه بموت أو ذهاب حاسة أو عضو فيكون عليهم الضمان في أموالهم. وقد قال ابن دحون: إن ذلك يكون على العاقلة إلا فيما دون الثلث وذلك خلاف الرواية، وأما إذا أخطأ في فعلهما مثل أن يسقي المريض ما لا يوافق مرضه فيموت من ذلك، أو تزل يد الخاتن أو القاطع فيتجاوز في القطع أو يد الكاوي فيتجاوز في الكي، أو يكوي (?) ما لا يوافقه الكي فيموت منه أو يقلع الحجام غير الضرس التي أمر بها وما أشبه ذلك، فإن كان من أهل المعرفة ولم يغر من نفسه فذلك خطأ يكون على العاقلة، إلا أن يكون أقل من الثلث فيكون ذلك في ماله، وأما إن كان لا يحسن وغر من نفسه فعليه العقوبة من الإمام بالضرب أو السجن.