عليه الصلاة والسلام؛ لأنه كان يكفي ذلك القدر، وإلا فقد ضرب عمر رضي اللَّه عنه معن بن زائدة الذي نقش على خاتمه وأخذ شيئا من بيت المال مائة وضرب صيفيا (?) أكثر من الحد ونفاه إلى البصرة والكوفة وأمر بهجره، وكان لا يكلمه أحد لأنه كان يسأل عن مشكلات القرآن والتفقه فيها حتى تاب وكتب عامل البلد إلى عمر بتوبته. قاله الشبراخيتي.
أو أتى على النفس يعني أن للإمام أن يفعل في التعزير ما أداه إليه اجتهاده، وإن كان الذي أداه إليه اجتهاده يزيد على الحد كما عرفت أو أتى على النفس، ففي العتبية عن مالك أنه أمر صاحب الشرطة بضرب شخص وجد معه صبي فوق ظهر المسجد وقد جرده وضمه إلى صدره أن يضربه ضربا مبرحا ويسجنه طويلا وضربه أربعمائة سوط فانتفخ ومات ولم يستعظم ذلك مالك وما أنكره: وفي النوادر عن الواضحة قال مطرف: أُتِيَ قاضي المدينة وهو هشام بن عبد اللَّه المخزومي -وكان صالحا- برجل خبيث يعرف باتباع الصبيان قد لصق بغلام في زحام حتى أمنى فبعث به هشام إلى مالك وقال: أترى أن أقتله؟ قال لا ولكن أوجعه عقوبة، فأمر بجلده أربعمائة وسجن فما لبث أن مات، وما أنكره مالك. قاله الشبراخيتي. وإذا فعل الإمام ما أداه إليه اجتهاده وأتى على النفس ولم يتبين له أنه أخطأ فيما أداه إليه اجتهاده، فإنه لا ضمان عليه.
وأما قوله: وضمن ما سرى فمعناه أنه إذا فعل به ما أداه إليه اجتهاده كمائتي جلدة مثلا فمات من ذلك، فتبين له أنه لا يستحق ذلك وإنما يستحق أقل من ذلك فإنه يضمن ما سرى إليه ذلك الفعل فعليه الدية. قال الرهوني: التعزير جائز بالاجتهاد مطلقا وإن زاد على الحد أو أتى على النفس، وقوله: "وضمن ما سرى" فيما إذا تبين خطؤه، كضربه أربعمائة فمات منها ثم تبين أنه لا يستحق ذلك فيضمن ديته، ولا ترد مسألة الإمام لأنه لم يتبين له خطأ، كما أشار إليه ابن مرزوق ويستروح من تقرير الطخيخي. قال الرهوني: وهذا هو الحق الذي لا محيد عنه، وعليه عول سيدي عبد الواحد ابن عاشر ونصه: ابن مرزوق: معناه إذا اجتهد وأخطأ فيضمن وكأنه