ولو طلاء يعني أنه لا يجوز التداوي بالخمر لا في باطن الجسم، كالشرب ولا في ظاهره كما لو طلى به ظاهر جسده أي لطخه به، يقال: طلى البعير بالهناء يطليه أي لطخه به، والطلاء كسماء: القطران وكل ما يطلى به. قال التتائي: ولو طلاء لظاهر الجسد على الأصح عند ابن الحاجب: وعبر عنه ابن شأس بالمشهور، وأشار بلو للخلاف في الطلاء وللاتفاق على منعه في الباطن وهو كذلك. قاله الباجي وغيره. وما وقع في سماع أشهب: التداوي في القرحة بالبول أخف من التداوي فيها بالخمر لا يلزم منه جوازه به، وعلل ابن رشد الخفة وعدمها بأنه جاء في الخمر أنها رجس من عمل الشيطان، ولم يثبت في البول إلا أنه نجس. انتهى. وقال عبد الباقي: ولو طلاء ولكن لا يحد، وينبغي أن محل المنع إلا أن يخاف الموت بتركه وإنما امتنع الطلاء به للتداوي ولم يمتنع التلطخ بالنجاسة بل كره فقط على المعتمد؛ لأن طلاءه به للتداوي مخالف للنهي المستفاد من خبر: (من تداوى بالخمر فلا شفاه اللَّه)، فَإن قِيلَ: قد ورد أيضا ما يدل على النهي عن التداوي بالنجس، كخبر: (لم يجعل اللَّه شفاء أمتي فيما حرم عليها) (?) فهو كالخمر في التداوي به طلاء، قُلتُ: نلتزم ذلك فالتلطخ بالنجاسة بقصد التداوي حرام ولا بقصده مكروه. انتهى.
قال الرهوني: ظاهر كلام الزرقاني أن "طلاء" في كلام المنصف المراد به الحدث، وأبين منه في الدلالة على ذلك كلام الأجهوري والخرشي وما فهموه منه هو المتبادر منه، وسلموا له ورود هذه اللفظة مصدرا، مع أن ابن مرزوق اعترضه بأنه إن أراد به الحدث بمعنى دهن الجسد به فهو موافق للنقل ولكنه مخالف للغة، لقول الجوهري: طليته بالدهن وغيره طليا وإن أراد به التداوي بالنوع المسمى من المسكر بالطلاء بأنه لم يقف على الخلاف فيه هكذا وما قاله ظاهر: وقد راجعت الجوهري والقاموس والمصباح والمشارق والنهاية فما وجدت ما يوافق المنصف على أن اللفظة مصدر. واللَّه أعلم. انتهى.