ولغيرهما ولمن وقعت منه فلتة النفي يعني أنه يندب للإمام في حق صنفين من المحاربين النفي والضرب باجتهاد الإمام، والصنفان المذكوران أحدهما من لا تدبير له ولا بطش، لكن ظاهر حاله موافقة المحاربين، كما لو كثر خروجه وظهر منه الرضى بحال المحاربين ثانيهما من وقعت منه الحرابة فلتة بأن كان ظاهر حاله عدم موافقة المحاربين على الحرابة ولم تكن من شأنه، قال الشبراخيتي: ولغيرهما مِمَّن كثر خروجه ولم يظهر بطشه ولا رأيه ولمن وقعت منه فلتة مخالفة لظاهر حاله؛ بل موافقة لغيره نادما على ذلك، وفسر عبد الباقي وقوعها فلتة بأن أخذ من فور خروجه ولم يقتل ولا أخذ مالا وعزاه للنكت، والمذهب أنه يضرب ثم ينفى؛ وقيل ينفى ثم يضرب، وما ذكره المنصف من الندب خلاف ما ذكره القرافي في ذخيرته وقواعده، من أنه إذا تعين الأصلح وجب عليه ولا يجوز له العدول عنه فهو أبدا ينتقل من واجب إلى واجب. انتهى. ويفيده كلام ابن رشد. قاله الشبراخيتي. قال: وأما إن قتل فلا بد من قتله. انتهى المراد منه.
قوله: "النفي" والضرب أي لأن ذلك كاف في ردعه، قال التتائي: والواو لا تقتضي ترتيبا فيضربه وينفيه. انتهى. يعني أن المنصف لا ينافي تقدم الضرب على النفي والتعيين للإمام يعني أن التعيين فيما يندب فعله مما تقدم من قوله: "وندب لذي التدبير" الخ إنما هو للإمام، فالذي عين من ذلك هو الذي يفعل فإذا عين القتل قتل والقطع قطع ونحو ذلك، وفي التتائي ما نصه: وهذا خلاف قول القرافي في ذخيرته وقواعده: إذا تعين له الأصلح وجب عليه ولا يجوز له العدول عنه فهو أبدا ينتقل من واجب إلى واجب. انتهى. وما قاله هو الذي ذكر عياض أن أبا الحسن الماوردي أي الشافعي حكاه عن مالك، ثم قال: لا يقوله مالك ولا أصحابه. انتهى.
لا ممن قطعت يده ونحوها يعني أن التعيين في ذلك إنما هو للإمام، وليس لمن قطعت يده ونحوها -كمن قطعت رجله أو فقئت عينه أو جرح أي فعل به المحاربون ذلك- كلام فلا تعيين له؛ لأن ما يفعله الإمام بالمحارب ليس عن شيء معين، وإنما هو عن جميع ما فعله في حرابته من إخافة وأخذ مال وجرح، وأما لو قتل المحارب أحدا فإنه لا يجوز للإمام فيه إلا، القتل ليس إلا ولهذا قال عبد الباقي: والتعيين فيما يندب فعله مما تقدم لا فيما يجب مما قدمه. انتهى. وفي نسخة: