قول المدونة، إن اتصل يسره بها من يوم السرقة إلى يوم القطع. ابن العربي: لمالك في هذه المسألة مقامة عظيمة أوجب القطع في يده عقوبة وأوجب الغرم في ماله عقوبة أخرى، فإذا كان معسرا لم يغرم؛ إذ لو أوجبنا الغرم في ذمته لكنا قد جمعنا بين عقوبتين في محل واحد وذلك لا يجوز، وقال ابن رشد: إذا وجدت السرقة بعينها ردت لصاحبها بإجماع، وأما إن تلفت فذهب مالك إلى أنه إن كان متصل اليسر من يوم سرق إلى يوم أقيم عليه الحد ضمن قيمة السرقة، وإن كان عديما أو أعدم في بعض المدة فلا غرم إذ لا يجتمع عليه عقوبتان، اتباع ذمته وقطع يده بخلاف ما إذا غصب حرة وهو معدم فإنه يحد ويتبع بالمهر قاله مالك. انتهى.
تنبيهان: الأول: إنما لم يتبع السارق في مفهوم المنصف لخبر: (إذا أقيم على السارق الحد فلا ضمان عليه) (?) أي لا يلزم ذمته عند عسره ليلا تجتمع عليه عقوبتان: قطع يده واتباع ذمته.
الثاني: قال في الميسر: لو باع ما سرقه فاستهلكه المشتري، فإن أجاز ربه المبيع لم يتبع السارق بالثمن إلا أن يتصل يسره، وإن لم يجزه وأخذ القيمة من المشتري رجع على السارق، فإن أعدم المشتري رجع على السارق لأنه غريمه، فإن كانت أقل من الثمن أخذها من السارق وفضلة الثمن للمشتري، وإن كانت القيمة أكثر أخذ الثمن من السارق لأنه الذي عليه لغريمه واتبع المشتري بفاضل القيمة. ذكره في التوضيح. انتهى.
وسقط الحد إن سقط العضو بسماوي يعني أنه إذا سقط عضو السارق المستحق للقطع بأمر سماوي بعد أن سرق، فإنه يسقط عنه الحد أي حد السرقة لسقوط العضو المستحق للقطع، وكذا لو سقط بقطع في قصاص، وكذا بتعمد جناية أجنبي عليه بعد ثبوت السرقة، فإن سقط العضو بما ذكر قبل السرقة انتقل القطع للعضو الذي يليه كما مر، وصرح غير واحد أنه إن سقط العضو بما ذكر جرف فيه قوله: "أو قطع إن أيسر إليه من الأخذ". واللَّه تعالى أعلم.
لا بتوبة يعني أن حد السرقة لا يسقط بتوبة ولو حسنت حاله بأن صار عدلا، ولهذا قال: وعدالة. قال ابن شأس: لا تسقط الحدود بالتوبة ولا بصلاح الحال ولا بطول الزمان، ونحوه في