الثاني: قوله: "كوارثه" هو فيما إذا مات المقذوف كما علمت، وأما لو لم يمت المقذوف، ففي المدونة: وأما الغائب فليس لولده ولا لغيره القيام بقذفه إلا أن يموت ولا وارث له فأوصى بالقيام به، وإذا قذف ميتة أو غائبة فقام بحدها ولد أو ولد ولد أو أخ أو أخت أو جد أو عم أو أب، فأما في الموت فيمكن من ذلك وأما في الغيبة فلا. انتهى. ابن يونس: قال ابن القاسم: لا يقوم بذلك ولد ولا غيره وإن طالت الغيبة وقاله أصبغ، وقد قيل: لولده القيام في الغيبة البعيدة ويحد لهم وليس لهم ذلك في القريبة، ويكتب إلى المقذوف. وذكر ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم: لا يقوم للغائب أحد من قرابته إلا الولد في أبيه وأمه، وقال محمد عن مالك وابن القاسم: إذا سمعه رجلان فرفعا ذلك للإمام فلا ينتظر في ذلك ويحد. انتهى. ونقل أبو الحسن بعضه، ومثله لابن ناجي وكلامهم يدل على أنهم فهموا المدونة على ظاهرها، وظاهر كلام اللخمي أنه فهم المدونة على ظاهرها أيضا، ونقل ابن عرفة كلام المدونة وبعض كلام اللخمي، وقال عقب ذلك: قُلْتُ في سرقتها: ولو سمع الإمام رجلا يقذف رجلا ومعه من ثبتت شهادته عليه أقام الإمام عليه الحد. انتهى. وكأنه رحمه اللَّه قصد المعارضة بين كلاميها وقد قال أبو الحسن عقب نص سرقتها: ظاهره كان المقذوف حاضرا أو غائبا فهي معارضة للتي قبلها، وقيل: معنى هذه أنه حاضر، وفي كتاب أبي إسحاق في كتاب القذف: معناه أنه رفعه. انتهى المراد منه.

الثالث: من صالح من قذف على شقص أو مال لم يجز ورد ولا شفعة فيه بلغ الإمام أم لا. قاله الحطاب.

وإن قذف بعد الموت يعني أن الوارث يقوم بقذف موروثه فيحد له القاذف كما عرفت، ولا فرق في ذلك بين أن يكون القذف قبل موت الموروث وأن يكون بعد موته، قال الخرشي: ولا فرق بين أن يصدر القذف قبل موت المقذوف أو بعد موته، قال فيها: من قذف ميتا فلولده وإن سفل وأبيه وإن علا القيام بذلك. انتهى. وقال الشبراخيتي: وإن قذف بعد الموت أغيا به ليلا يتوهم أنه لا حق للميت لانقطاع علمه فلا يكون لورثته حق؛ لأن حقهم مرتب عن حقه.

ثم بين الوارث بقوله: من ولد وولده وأب وأبيه يعني أن الوارث الذي له القيام بحق موروثه في القذف هو الولد وولد الولد وإن سفل، وهو شامل للذكر والأنثى والأب وأبوه وإن علا ولا مدخل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015