حنيفة بعدم الحد، والأحسن عطفه على مقدر أي قذفه بأن صرح أو عرض، وعلى هذا فيكون كلامه مفيدا لكون القذف على قسمين، وأما على الأول فربما يفهم أن التعريض غير القذف لأن العطف يقتضي المغايرة. انتهى المراد منه.
ولو كرره لواحد يعني أنه إذا قذف شخص شخصا مرة أو مرتين أو مرارا فإنما عليه حد واحد، قال المواق: أبو عمر: من قذف إنسانا واحدا مرارا حد له حدا واحدا، أو جماعة يعني أنه إذا كرر القذف لجماعة أو قذفهم بكلمة واحدة مرة نحو يا زناة فإنما عليه حد واحد، وقول المصنف: "ولو كرره لواحد" يفيد وجود الخلاف فيه لتعبيره بلو المشار بها لرد الخلاف المذهبي مع أنه أنكر ذلك على ابن الحاجب، كما أنكره ابن عرفة وغيره وهو حقيق بالإنكار، بل كلام المتيطي وغيره يفيد أنه لا قائل بذلك حتى خارج المذهب، فلو قال المصنف: اتحد أو كرره ولو لجماعة لَسَلِمَ من ذلك. قاله الرهوني. وقال عبد الباقي: وفي المدونة: من قذف جماعة في مجلس أو مفترقين في مجالس شتى عليه حدٌّ واحد، فإن قام به أحدهم وضرب له كان ذلك الضرب لكل قذف كان عليه، ولا حد لمن قام منهم بعد ذلك. انتهى. قوله عن المدونة: في مجلس أو مفترقين في مجالس الخ أي في كلمة واحدة أو كلمات. ابن الحاجب: ولو قذف قذفات لواحد أو جماعة فحد واحد على الأصح، وثالثها إن كان بكلمة واحدة. انتهى. التوضيح: الأصح مذهب المدونة والقول الثاني حكاه ابن شعبان، فقال: ومن أصحابنا من قال: يحد بعدد من قذف سواء كان متفرقا أو بكلمة واحدة. انتهى.
وتعقب بأن ظاهره ثبوت الأقوال في الواحد وليس كذلك. بل مر أن في كلام المتيطي وغيره ما يفيد أنه لا خلاف فيه حتى خارج المذهب، وأما الجماعة ففيها ثلاثة أقوال، لكن لم يعزه المتيطي إلا لابن أبي ليلى فإنه قال: وهذا موضع اختلف أهل العلم فيه على ثلاثة أقوال: أحدها قول مالك ومن قال بقوله أن عليه حدًّا قذفهم في كلمة واحدة أو متفرقين في مجالس شتى وهو مذهب أبي حنيفة فإذا قذف الرجل جماعة فحُدَّ لأحدهم فذلك الحد لكل قذف تقدم قام طالبوه أو لم يقوموا عند مالك وأصحابه، حاش المغيرة فإنه قال: إن قام طالبوه متفرقين حد لكل واحد منهم، ثم قال: والثاني قول الشافعي أن عليه الحد لكل واحد منهم قذفهم في كلمة واحدة أو متفرقين في