وتقادم مكثه معها بعد الدخول بها فشهد عليه بالزنى فقال ما جامعتها مذ دخلت عليها، فإن لم يعلم بولد يظهر أو بإقرار بالوطء لم يرجم لِدَرْءِ الحد بالشبهة، وإن علم منه إقرار بالوطء قبل ذلك رجم. انتهى. وقوله: "وعنه في الرجل يسقط" أي الرجم كما عرفت، وأما الجلد فلا نزاع أنه لا يسقط إذا سقط الرجم، وَأُوِّلَا أي قولا المدونة الأول في نكاحها والثاني في رجمها على الخلاف أي أول الموضعان على أنهما متخالفان، وهذا التأويل هو الذي اختاره ابن رشد ورد التأويلات الثلاث بعده. قال الشبراخيتي: والخلاف هو المذهب. انتهى. ومن العلماء من وفق بين القولين كما قال: أو إنما رجمت الزوجة لضعف إنكارها لأجل خلاف أي مخالفة الزَّوْج لها في المسألة الأولى، فإنه خالفها فيها فقط إذ هي أنكرت الوطء وادعى هو أنه وطئها فلذلك رجمت، ولم يرجم الزوج في الثانية لعدم مخالفة الزوجة له فلم يضعف إنكاره، فلو لم يكذبها في مسألتها أو كذبته في مسألته لاتفق القولان، أو يوفق بين المسألتين بأنه إنما لم يرجم في الثانية؛ لأنه أي الزوج يسكت عادة عن ترك وطئه مدة طويلة، ورجمت في الأولى لأنها لا تسكت عادة هذه المدة عن عدم وطئه لها، والأنسب بالتأويل قبله أن يقول أو لأنها لا تسكت، ورد بأنه لو لم يكن وطئها لم تسكت أو يوفق بينهما بأنه لم يرجم الزوج في الثانية؛ لأن الثانية وهي مسألة الرجل لم تبلغ مدة إقامة الزوج فيها مع امرأته عشرين سنة، ورجمت في الأولى لبلوغها عشرين سنة في ذلك تأويلات أربع، واحد بالخلاف وثلاثة بالوفاق، "وأو" في الثلاث بمعنى: قيل.
قال عبد الباقي: وإن زنت متزوجة وأنكرت الوطء من زوجها بعد إقامة عشرين سنة معه وخالفها الزوج وادعى وطأها، فالحد أي الرجم لأنها محصنة ولا عبرة بإنكارها وعنه أي الإمام مالك -صوابه وعنه أي ابن القاسم كما في نقل المواق قاله البناني- ما يخالف ذلك في الرجل يقيم مع زوجته مدة طويلة ثم تشهد أربعة بالزنى فإنه يسقط عنه الرجم، ويحد حد البكر، "ما" أي مدة كونه لم يقربه أي بوطء زوجته، بل قال عند شهادة البينة عليه بالزنى: لم أطأ زوجتي منذ دخلت بها أو مدة كونه لم يولد له منها، فإن ظهر وطؤها بولادتها منه أو أقر به بعد ذلك رجم، وظاهره كغيره ولو بعد حَدِّهِ حَدَّ البكر. وظاهر قوله: "أو يولد له" يشمل ما إذا نفاه بلعان، واختلف الشيوخ في المحلين فمنهم من فهمها على الخلاف كما قال: "وأولا على الخلاف" إذ