ثبوت الزنى بالإقرار بين أن يقر به مرة واحدة، وبين أن يقر به أكثر من ذلك، ونبه بقوله: "مرة" على خلاف أبي حنيفة وأحمد في اشتراطهما أربع مرات، قال عبد الباقي: وثبت الزنى يإقرار وإن مرة ولا يشترط أن يقر أربع مرات، خلافا لأبي حنيفة وأحمد في اشتراطهما ذلك لخبر: (ماعز بن مالك إذ رده عليه الصلاة والسلام حتى أقر أربع مرات) (?)، وتُمُسِّكَ للمشهور بخبر الصحيح: (أغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) (?) فغدا عليها فاعترفت فأمر برجمها فرجمت، فظاهر ما في الصحيح الاكتفاء بأقل ما يصدق اللفظ عليه وهو المرة الواحدة، وأجيب عن حديث ماعز بأن المصطفى صلى اللَّه عليه وسلم استنكر عقله، ولذا أرسل لقومه مرتين يسألهم عن عقله حتى أخبروه بصحته فأمر برجمه. انتهى. قوله: "مرة" إنما لم يأت المصنف بلو كابن الحاجب لأنه يشير بها للخلاف المذهبي، وليس في ذلك خلاف، بل الخلاف لأبي حنيفة وأحمد، وأما ابن الحاجب فليس كالمؤلف في ذلك. قاله غير واحد. وقال الشبراخيتي: وثبت بإقرار من الزاني رجلا أو امرأة مرة واحدة إذا لم يرجع عنه اتفاقا، وقال المواق: وثبت بإقراره مرة. ابن عرفة: نصوص المدونة وغيرها واضحة بحد المقر بالزنى طوعا ولو مرة واحدة. انتهى.
إلا أن يرجح يعني أن محل كون الزاني يحد بإقراره لثبوت الزنى عليه بذلك إنما هو حيث لم يرجع عن إقراره، وأما إن رجع عن إقراره فإنه يقبل منه ذلك ويبطل إقراره مطلقا يعني أنه يمسك عن حده حيث رجع عن إقراره مطلقا، رجع في أثناء الحد أو قبله، رجع لشبهة كقوله: وطئت زوجتي أو أمتي وهي حائض فظننت أنه زنى، أو رجع لغير شبهة كَكَذَبْتُ في إقراري، قال الشبراخيتي: إلا أن يرجع عن إقراره فيقبل ولا حد عليه مطلقا سواء رجع لشبهة، كقوله: وطئت زوجتي أو أمتي وهي حائض فظننت أنه زنى ولا خلاف في هذا، أو رجع لغير شبهة وأكذب نفسه فلا شيء عليه وشمل رجوعه في الحد وفي غيره، ويدخل فيه ما إذا أنكر إقراره