السنة أنهم في المشيئة وسلم له ذلك غير واحد من الأئمة المتبحرين في علمي الظاهر والباطن، منهم تلميذه العلامة العارف باللَّه تعالى أبو زيد الفاسي، فكتب عليه ما نصه:
قف على قوله في حق من علم اللَّه تعالى أنه منهم، فإنه تنبيه على أنه لا يقطع به في معين ولا يقطع به أحد لنفسه ولو إلَّا من كون شرطه الوفاة على الإسلام وهو غيب، وهكذا ينبغي أن يكون الاعتقاد في كل فضيلة وُعِدَ عليها في العقبى فإن شرط ذلك الإيمان عند اللَّه وهو غيب غير مقطوع به لأحد إلا من ميزه النص، على أن من تحقق قبضة الحق لا يسكن [لوعد وبه تفهم] (?) قول سيدي عبد السلام، وألحقني بنسبه فإن الطيني مشروط بالديني وهو غيب، وكذا ما ورد في قبول الطاعات والدعاء وادخاره فإنما هو فيمن علم اللَّه سبحانه منه خاتمة الإيمان ونفذت بذلك إرادته ومشيئته، وأما أحد في خاصته فلا يصح له الجزم والقطع بذلك لنفسه ولا لغيره، وقد قال سيدي أبو الحسن: وقد أبهمت الأمر علينا لِنرْجُو ونَخَافَ وذلك سرٌّ العبودية، وبذلك تنقطع الآمال إلا من اللَّه ويتحقق الرجاء والاعتماد عليه لا على الأسباب فاعرفه. انتهى. فكتب عقبه العلامة ابن زكري: وهذا هو الموافق لقواعد أهل السنة. انتهى المراد منه. وما قاله الشيخ القصار ورد التصريح به عن الإمام مالك في كلامه الذي حكاه عنه غير واحد. انتهى.
واعلم أنه اختلف في تفسير الآية المتقدمة على خمسة أقوال: أَحَدُهَا أن المراد بأهل البيت أزواجه صلى اللَّه عليه وسلم، ثانيها أن المراد بهم علي وفاطمة وابناهما الحسن والحسين خاصة، ثالثها أن المراد بهم أزواجه وهؤلاء الأربعة، رابعها أن المراد بهم النبي صلى اللَّه عليه وسلم وعلي وفاطمة وابناهما، خامسها أن المراد بهم أزواجه وأقاربه الذين تحرم عليهم الصدقة، فدخل في ذلك جميع بني هاشم بلا خلاف وبنو المطلب على الخلاف المعلوم، ورجح هذا القول غير واحد منهم ابن جزي لتصديره به وحكاية غيره بقيل مع تصريحه بضعف الأول، وأيد ابن كثير دخول أزواجه صلى اللَّه عليه وسلم بأنه سبب النزول وهو داخل قطعا إما وحده وإما مع غيره وهو الأصح، واستدل لدخول الأقارب بأحاديث ورجح غير واحد الثاني بالعزو، كابن عطية بعزوه