ونبغض عليا لسكوته عن طلب حقه من أبي بكر وهو قادر عليه، ونبغض اللَّه لأنه أرسل محمدا ولم يرسل عليا وهو أقبح ما يكون من الكفر الذي ما سمع بمثله، قال وذكر ابن بشكوال بسنده إلى محمد بن عمر بن يونس، قال: كنت بصنعاء فرأيت رجلا والناس حوله يجتمعون عليه، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: هذا رجل كان يؤمنا في رمضان وكان حسن الصوت بالقرآن، فلما بلغ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}، قال إن اللَّه وملائكته يصلون عَلَى عليّ يأيها الذين آمنوا صلوا عليه: فخرس وجذم وبرص وعمي وأقعد مكانه. انتهى.
السادس: سئل القاضي أبو بكر بن العربي عن رجل، قال: إن أبا النبي صلى اللَّه عليه وسلم في النار، فأجاب بأنه ملعون لأن اللَّه تعالى قال: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}، قال: ولا أذى أعظم من أن يقول عن أبيه إنه في النار. انتهى. نقله الحطاب.
السابع: قال المواق: قال عياض: إن كان القائل لما قاله في جهته عليه السلام غير قاصد السب والإزراء ولا معتقد له ولكنه متكلم في حقه عليه السلام كلمة الكفر من لعنه أو سبه أو تكذيبه، وظهر بدليل حاله أنه لم يتعمد ذمه ولم يقصد سبه إما لجهالة حملته على ما قاله أو ضجر أو سكر اضطره إليه أو قلة مراقبة وضبط للسانه وعجرفة وتهور في كلامه، فحكم هذا الوجه حكم الأول القتل دون تلعثم. انتهى. قوله: حكم الأول يعني القصد لسبه؛ إذ لا يعذر أحد في الكفر بالجهالة ولا بدعوى زلل اللسان ولا بشيء مما ذكر إذا كان في عقله إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، ولذا أفتى الأندلسيون بقتل ابن حاتم في نفيه الزهد عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وأفتى القابسي بقتل من شتمه عليه الصلاة والسلام في سكره لأنه يظن به أن يعتقد هذا أو يفعله، وأيضا فقتله حد لا يسقطه السكر كسائر الحدود؛ لأن من شرب الخمر عالما بزوال عقله بها وإتيانه بما ينكر كالعامد لما يكون منه ولذا لزمه طلاقه وعتقه وحدوده، وأما إن سبه مجنون فلا يقتل وكذا صبي لم يميز أو ميز إن تاب حين بلوغه أو أنكر أنه سبه. واللَّه تعالى أعلم.
وفيمن قال لا صلى اللَّه على من صلى عليه جوابا لصل يعني أنه اختلف على قولين في شخص قيل له صل على محمد، فقال لا صلى اللَّه على من صلى عليه، فقيل لا يقتل وهو قول سحنون