وقال المواق من المدونة: إن قتل على ردته فالقتل يأتي على كل حد أو قصاص وجب عليه للناس، إلا القذف فإنه يحد ثم يقتل، وفي الموازية: إذا قذف الحربي مسلما ثم أسلم أو أسر لم يحد للقذف، ألا ترى أن القتل موضوع عنه؟ انتهى. وقال التتائي: إلا حد الفرية أي القذف فإنه لا يسقط إن أسر ولو قتل لما يلحق المقذوف من المعرة، كذا في المدونة، وفي توضيحه قيد هذا في الموازية بأن يقذفه في بلد الإسلام، وأما في دار الحرب فإنه إذا أسر يسقط عنه حد القذف ولم يعتبر التقييد هنا اعتمادا على ما في المدونة من الإطلاق. انتهى.

قال مقيد هذا الشرح عفا اللَّه عنه: تَحَصَّلَ مما مر أن المرتد إذا قذف حرا مسلما ببلد الإسلام فإنه يحد للفرية ثم يقتل للردة، سواء هرب المرتد بعد قذفه للحر المسلم ببلد الإسلام إلى دار الحرب ثم قدر عليه، أو لم يهرب لبلد الحرب وبقي ببلد الإسلام، إلا أن البناني يوهم أن هذا فيما إذا قذفه ببلد الإسلام ولم يهرب لدار الحرب والظاهر خلافه؛ أي أنه يحد ثم يقتل هرب لدار الحرب أولا، وأما إذا قذف المرتد الحر المسلم بدار الحرب فظاهر المصنف كالمدونة أنه لا يسقط عنه الحد خلاف ما في الموازية على ما قال التتائي. واللَّه تعالى أعلم.

والخطأ على بيت المال يعني أن المرتد إذا جنى خطأ على حر مسلم أو ذمي فإن بيت المال يحمل أرش تلك الجناية، كأخذه جناية عليه يعني أن بيت المال يأخذ أرش الجناية على المرتد، فإذا جنى على المرتد أحد فإنه يؤخذ من الجاني عليه أرش الجناية وتوضع في بيت المال. قال عبد الباقي: وجنايته الخطأ على حر مسلم أو ذمي على بيت المال، وسواء في الأقسام الثلاثة جنى على نفس أو جزء حسي أو معنوي، ولما ذكر جنايته على غيره ذكر جناية غيره عليه بقوله: "كأخذه" أي بيت المال جناية عليه ممن جنى عليه ولا يقتص منه ولو عبدا كافرا؛ لأن شرط القصاص أن يكون المجني عليه معصوما كما مر أول باب الجراح، ومر أيضا أن على قاتله الأدبَ بالنسبة للنفس وعليه أيضا ديةٌ ثُلثُ خمس قتل حال استتابته أو بعدها، وقبل قتل الإمام له وقبل رجوعه للإسلام. انتهى.

وقال الخرشي: يعني أن جناية المرتد خطأ على الذمي وعلى الحر المسلم على بيت المال، كما أن بيت المال يأخذ أرش الجناية عليه ممن جنى عليه، فكما يغرم عنه يأخذ ماله فعليه ما عليه وله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015