قوله: بمحل قتلهم وأولى بغيره، قال البناني: تبع فيه التتائي، وفيه نظر، بل إنما يمنع رفع رؤوسهم بأرماح إلى محل آخر لبلد أو وال، وأما رفعها على الأرماح في محل القتل فجائز كالكفار، فلا فرق بين البغاة والكفار في هذا، ولذا لم يذكره ابن بشير في الأمور التي يمتاز فيها قتالهم عن قتال الكفار كما تقدم عنه، وفي الذخيرة عن النوادر: ولا يبعث بالرؤوس إلى الآفاق لأنه مثلة. نقله مصطفى. ففرض المسألة في البعث بها للآفاق كالكفار. انتهى. وقال الشبراخيتي: ولا ترفع رؤوسهم أي من قتل منهم بأرماح ويبعث بها إلى البلدان لأنه مثلة، والباء بمعنى على وهذا لا يستفاد من قوله: "كالكفار" لأن معنى ذلك في صفة المقاتلة ورفع الرؤوس بعد انفصال القتال، وتقدم في الجهاد أنه يمنع حمل رأس الكافر من بلد لآخر وأهل البغي أولى بحرمة ذلك. انتهى المراد منه.
ولا يدعوهم بمال يعني أنه لا يجوز للإمام ومن معه من جماعة المسلمين أن يَدَعُوا أي يتركوا قتال البغاة لمدة سألوا التأخير لها كأيام أو شهر لينظروا فيها على مال يأخذونه منهم على تأخيرهم، وللإمام أن يؤخرهم إلى ما سألوا مجانا. وقوله: "ولا يدعوهم" بفتح الدال قاله غير واحد، وقال الشبراخيتي: ولا يَدعوهم بفتح الدال مسنَدا لضمير الجماعة أي الإمام ومن معه: أي لا يتركون قتالهم لمدة سألوا التأخير لها كأيام أو شهر لينظروا أمرهم فيها، وهو المهادنة على مال يأخذونه منهم على تأخيرهم، وللإمام أن يؤخرهم إلى ما سألوا مجانا. انتهى. وقوله "ولا يدعوهم" قد مر عن غير واحد أنه بفتح الدال، قال البناني: على هذا حمله ابن غازي، وأما ابن مرزوق فجعله بسكون الدال مضارع دعا، فقال: أي لا يعطيهم مالا على الدخول في طاعته. انتهى.
وقال عبد الباقي: ولا يدعوهم بفتح الدال أي لا يتركهم الإمام ونوابه الذين معه بمال يؤخذ منهم، بل يتركهم مجانا حيث كفوا عن البغي وطلبوا أياما حتى ينظروا في أمرهم، ولم يخش منهم التحيل للغدر. انتهى. وقال التتائي: ولا يدعوهم بفتح الدال المهملة أي لا يتركون قتالهم بمدة سألوا التأخير لها كأيام أو شهر لينظروا أمرهم على مال يدفعونه للإمام على تأخيرهم. قال في الجواهر: لا يحل ذلك وله أن يؤخرهم إلى ما سألوا يعني مجانا ما لم يقاتلوا أحدا أو يفسدوا، قال بعض من تكلم على هذا المحل: اتفقت النسخ على إسقاط نون العلامة منه وذلك يدل على