ولما قدَّمَ أن القسامة مسببة عن قتل الحر المسلم وهو مقتض لعدمها في الجرح والعبد والجنين والكافر، قال: ومن أقام شاهدا على جرح يعني أن من أقام شاهدا واحدا على جرح عمدا أو خطأ، فإنه يحلف مع شاهده ويستحق الدية في الخطإ، والقصاص في العمد. أو قتل كافر يعني أنه إذا قام على قتل الكافر غير الحربي شاهد واحد فإن مقيمه يحلف ويستحق الدية، كان القتل عمدا أو خطأ ولو من مكافئ له؛ لأنه لا يقتص بشاهد ويمين، أو عبد يعني أنه إذا قام على قتل العبد شاهد واحد عمدا أو خطأ فإن سيده يحلف مع الشاهد ويستحق قيمة عبده، ولو كان القاتل مكافئا له لأنه لا يقتص بشاهد ويمين، أو جنين يعني أنه إذا قام على قتل الجنين شاهد واحد فإن مقيمه يحلف مع الشاهد ويستحق دية الجنين.
وعلم مما قررت أن قوله: حلف أي مع الشاهد يمينا واحدة جار في المسائل الأربع، فهو جواب الشرط على أن "من" شرطية، وخبر "من" على أنها موصولة، وكذا قوله: وأخذ الدية جار في المسائل الأربع أيضا أي أخذ الدية بعد أن يحلف يمينا واحدة، قال عبد الباقي: ومن أقام شاهدا واحدا على جرح خطأ بدليل قوله: "وأخذ الدية" إذ جرح العمد يقتص فيه بشاهد ويمين أو قتل كافر أو عبد عمدا أو خطأ، ولو لم يزد القاتل حرية أو إسلاما لأنه لا يقتل بشاهد ويمين أو جنين حلف مع الشاهد يمينا واحدة إن اتحد، فإن تعدد ولي الكافر أو الجنين حلف كل واحد يمينا. قاله ابن عرفة. والظاهر أن سَيِّدَ العبد كذلك وأخذ الدية للكافر وقيمة العبد وما يجب في الجنين من دية بقسامة إن نزل حيا في خطإ أو من غرة إن نزل ميتا مع حياة أمه، فإن نزل حيا مع ضرب عمد قتل به بقسامة، وفي إطلاق الدية على جميع ما ذكر تجوز فأراد بالدية اللغوية وهي المال المؤدى فشمل الدية في الجرح والقيمة في الرقيق والغرة إن نزل ميتا والدية إن استهل. انتهى. بتغيير قليل جدا.
وقال المواق: أما مسألة قيام شاهد على جرح، فقال في المدونة: لا قسامة في الجراح، ولكن من أقام شاهدا عدلا على جرح عمدا أو خطأ فليحلف معه يمينا واحدة ويقتص في العمد ويأخذ العقل في الخطإ، قيل لابن القاسم: لم قال مالك ذلك في جرح العمد وليس بمال؟ قال: كلمت مالكا في ذلك. وقال: إنه لَشَيءٌ اسْتَحْسَنَّاهُ وما سمعت فيه شَيْئًا، وأما مسألة الكافر ففي المدونة، قال