وقوله: "العاقلة" فإن لم تكن حلف الجاني خمسين وبرئ، فإن نكل غرم حصته وتكون للناكلين من عاقلة المقتول، وقولي: ولا دين على المقتول ولا وصية له احتراز عما إذا كان عليه دين أو وصية، فلرب الدين والموصى له عند نكول الأولياء حلف أيمان القسامة كلها وأخذ ديته والوصية كما في التبصرة في الدين، والوصية مثله فيما يظهر فمن حلف من عاقلة القاتل برئ فلا غرم عليه، ومن نكل منهم فحصته فقط لازم غرمها لأولياء الدم الناكلين كلهم أو الناكل بعضهم، والحالف بعضهم بعض أيمانها لسقوط حقه لنكول غيره وعدم حلفه جميعها، وأما من حلف جميعها وأخذ حصته فلا يدخل ثانيا فيما رد على الناكلين. انتهى. قوله: فإن لم تكن أي العاقلة حلف الجاني خمسين يمينا وبرئ، فإن نكل غرم حصته يعني إذا وجد بيت المال الذي يغرم معه وإلا غرم الدية كلها، وقوله: وتكون للناكلين من عاقلة المقتول صوابه من ورثة المقتول لا من عاقلة المقتول. قاله البناني.
وقوله: على ألأظهر راجع لقوله: "حلفت العاقلة" لأنه محل الخلاف والاستظهار لا لقوله فمن نكل فحصته، وعبارة ابن رشد: فإن نكل الأولياء أو نكل واحد منهم ففي ذلك خمسة أقوال في المذهب، أَحَدُهُا: أنها ترد الأيمان على العاقلة فيحلفون كلهم ولو كانوا عشرة آلاف والقاتل كرجل منهم، فمن حلف لم يلزمه شيء ومن نكل لزمه ما يجب عليه وهو أحد قولي ابن القاسم، وهذا القول أبين الأقاويل وأصحها في النظر.
الثاني: يَحْلف من العاقلة خمسون رجلا يمينا يمينا، فإن حلفوا برئت العاقلة من الدية كلها، وإن حلف بعضهم برئ ولزم بقية العاقلة الدية كلها حتى يتموا خمسين يمينا وهو قول ابن القاسم الثاني.
الثالث: أنهم إن نكلوا فلا حق لهم أو نكل بعضهم فلا حق لمن نكل ولا يمين على العاقلة؛ لأن الدية لم تجب لهم بعد. قاله ابن الماجشون.
والرابع: أن اليمين ترجع على المدعى عليه وحده، إن حلف برئ وإن نكل لم يلزم العاقلة بنكوله شيء؛ لأن العاقلة لا تحمل الإقرار والنكول كالإقرار، وإنما هو بنكوله شاهد على العاقلة. رواه ابن وهب.