معاينة شاهد للقتل خطأ فلوث، فإن أقر بالخطإ من غير معاينة شاهد فغير لوث، بل يؤخذ بإقراره فتكون في ماله على المعتمد كما أصلح سحنون المدونة عليه، لا على عاقلته إن كان ثقة مأمونا لا يتهم في إغناء ورثة المقتول أو أخذ رشوة منهم على إقراره كما في ديات المدونة، فإنه غير معول عليه كما في ابن غازي، وعلى الأول اقتصر المصنف في قوله: بل اعتراف، فإن أقر بالقتل عمدا واشمر على إقراره أو شهد به عليه عدلان قتل، فإن أنكر وشهد به عليه واحد فلوث كما في ابن غازي. انتهى كلام عبد الباقي.
وقال البناني: ما شرحه به الزرقاني من كون الباء بمعنى مع صواب، قال ابن الحاجب: ولو شهد مع إقراره شاهد واحد فالقسامة أيضا من غير تفصيل كالمقتول. انتهى. التوضيح: يعني ولو شهد واحد بالقتل وأقر القاتل بالقتل فلا بد من القسامة، ومراده إذا أقر القاتل بالقتل خطأ، وأما في العمد فإنه يقتل بإقراره، وقوله: من غير تفصيل أي بين أن يكون قريبا أو بعيدا، وقوله: كالمقتول أي كما إذا تعدد اللوث مع قول المقتول. انتهى. وعليه -يعني على ما شرح به عبد الباقي- حمله أحمد وجد علي الأجهوري وغيرهما، ونسخة ابن غازي في العمد، فقال: هكذا في بعض النسخ وهو الصواب، وأما النسخ التي فيها الخطأ فخطأ صُرَاحٌ، وهذا على أن الباء في "بشاهد" للتعدية أي ثبت إقراره بالقتل عمدا بشاهد وهو مُنكِرٌ، وإنما كانت نسخة الخطإ خطأ على هذا الحمل؛ لأن ابن رشد حصل في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها إيجاب القسامة مطلقا، والثاني نفيها مطلقا، والثالث إيجابها في العمد دون الخطإ. قال: وإلى هذا ذهب سحنون وعليه أصلح ما في المدونة وهو الأظهر، إذ قيل: إن إقرار القاتل بالقتل خطأ ليس بلوث يوجب القسامة، فكيف إذا لم يثبت قوله: "وإنما شهد به شاهد واحد"؟ انتهى.
وقول عبد الباقي: كما أصلح سحنون المدونة عليه الخ، قال الرهوني: هذا تخليط لا شك فيه، وليس في ابن غازي ما عزاه له. واعْلَم أن لنا مسألتين: إحداهما ثبوت إقرار القاتل في الخطإ بشاهدين عدلين، والثانية ثبوته بشاهد واحد؛ والثانية هي محل إصلاح سحنون وعليها تكلم ابن غازي، وأما الأولى فلا إصلاح فيها أصلا، ولم يقل ابن غازي فيها إن ما في الديات غير معول عليه، ونص ابن غازي: قوله أو إقرار القاتل في العمد فقط بشاهد كذا في بعض النسخ في العمد