وفي غيرهما أي فيما يشتهر عنده من عدالة الشاهد وجرحته، فيعتمد على علمه بذلك، وكذا على إقرار الخصم بعدالة من شهد عليه، ونظمت ذلك فقلت:
أمين لعان والقسامة غاصب ... كذا حاكم في العدل والجرح يقبل
كغيرهما في الكل يقبل مدع ... بلا شاهد والنظم للحفظ يسهل
انتهى. وقال عبد الباقي: أو كان المقتول مسخوطا أي فاسقا على ورع بكسر الراء؛ أي ادعى ولو على أورع أهل زمانه أنه قتله، ولا بد من ثبوت قوله المذكور بعدلين ومن تماديه على إقراره، فإن قال: قتلني فلان ثم قال بل فلان، بطل الدم. انتهى. قوله: فإن قال قتلني فلان ثم قال بل فلان بطل الدم، قال الرهوني: هذا هو الراجح والمعمول به، ففي المفيد: ومن أحكام ابن مغيث: وإذا اضطرب قول الجريح فرمى رجلا ثم رمى آخر، فعند ابن القاسم وأشهب وأصبغ: لا يقبل منه في الأول ولا في الأخير، وبهذا جرى الحكم عند الشيوخ. وقال ابن الماجشون: يؤخذ بآخر قوله وإن رجع إلى طلب الأول وقوله مقبول. انتهى منه بلفظه. ونحوه للمتيطي وصاحب المعين وزادا. واللفظ للمتيطي على اختصار ابن هارون. قال أصبغ: فإن قال: بي فلان ليس بي غَيْرُه فلا سبيل إلى من رمى بعده، فإن لم يقل ليس بي غيره فالأول والأخير سواء يقسم الولاة على أحدهما إن شاءوا فيقتل ويجلد الآخر مائة ويحبس سنة، واختار ابن حبيب الأول. انتهى.
أو ولدا على والده أنه ذبحه عطف على ما في حيز المبالغة ففيه خلاف أيضا؛ يعني أن الولد إذا ادعى على والده أنه ذبحه أو شق بطنه أو نحو ذلك مما يدل على أنه قصد إزهاق روحه، فإنه يقسم الأولياء ويقتل الوالد، وأحرى إن ادعى أنه رماه بحديدة ونحو ذلك مما فيه دية مغلظة، ولذا قال ابن غازي: إنه قصد الوجه المشكل لأنه إذا قبلت القسامة الوجبة للقود من الأب فأحرى غيرها من موجب الدية. قال التتائي: أو ادعى ولدٌ على والده أنه أضجعه وذبحه أو بقر بطنه ونحو ذلك، فقال ابن القاسم: يُقْسِمُ أولياؤُه ويقتلون الأب، وأما على قول أشهب أن الأب لا يقتل بابنه فلا قسامة، وأما لو قال: رماني بحديدة ونحوها مما لا يقتل الأب به، أو قال: