والمرأة فَهُمَا من أهلها في الجملة. انتهى. وقوله: "ولو خطأ" أشار بلو إلى الخلاف المذكور في المقدمات: قال في المقدمات: إن قال: قتلني خطأ ففي ذلك عن مالك روايتان: إحداهما أن قوله يقبل وتكون معه القسامة ولا يتهم، والثانية أنه لا يقبل قوله ويتهم أن يكون أراد إغناء ولده وهو قول ابن حازم، ووجه الرواية الأولى أنه استحقاق دم فوجب أن يستحق بما يستحق به دم العمد، ووجه الرواية الثانية أن الواجب في دم الخطإ مال على العاقلة، فأشبه قولَهُ عند الموت: لي عند فلان كذا وكذا وهذا أظهر في القياس، والرواية الأولى أشهر. انتهى.
وقال البناني عند قولَه: "كأن يقول بالغ": هذه هي التدمية، قال في التوضيح: لم يوافق المالكية في أصل التدمية إلا الليث، ورأى الجمهور أن قبولها يشتمل على قبول قول المدعي بلا بينة، وقد علم أن الدماء أعظم من الأموال، وهو لو قال عند موته لي عند فلان كذا لم يقبل، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما عنه عليه الصلاة والسلام: (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى الناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه) (?)، ورأى علماؤنا أن هذه الدعوى لا تشابه دعوى المال ولا غيره؛ لأن هذا أصل قائم بنفسه ومن تحقق مصيره إلى الآخرة وأشرف على الموت، فلا يتهم في إراقة دم امرئ مسلم ظلما، وغلبة الظن في هذا تتنزل منزلة غلبة الظن في الشاهد، وكيف لا والغالب من أحوال الناس عند الموت التوبة والاستغفار والنَّدَمُ على التفريط ورد المظالم؟ فكيف يَتَزودُ من دنياه قتل النفس؟ هذا خلاف الظاهر وغير المعتاد. انتهى.
وقال في الميسر: قيل إن القسامة وتبدئة المدعين بها خلاف الأصول، ورد بأنهم لم يبدأ بمجرد دعواهم: وإنما يحكم بها لهم لدليل يغلب على الظن به صدقهم، والأصل في الدعاوى أن يبدأ باليمين من يغلب على الظن صدقه كان مدعيا أو مدعى عليه. قاله في المقدمات. انتهى.